يَوْمٍ لَّاتَسْتْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ).
إنّ إخفاء تأريخ قيام الساعة ـ حتى على شخص الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ـ كما أسلفنا ـ لأنّ الله سبحانه وتعالى أراد لعباده نوعاً من حرية العمل مقترنة بحالة من التهيّؤ الدائم ، لأنّه لو كان تاريخ قيام القيامة معلوماً فإنّ الجميع سيغطّون في الغفلة والغرور والجهل حينما يكون بعيداً عنهم ، أمّا حين إقترابه منهم فستكون أعمالهم ذات جنبة اضطرارية ، وفي كلتا الحالتين تتحجّم الأهداف التربوية للإنسان.
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٣)
لمناسبة البحث الوارد في الآيات السابقة حول مواقف المشركين إزاء مسألة المعاد ، تعرّج هذه الآيات إلى تصوير بعض فصول المعاد المؤلمة لهؤلاء المشركين كي يقفوا على خاتمة أعمالهم. أوّلاً يقول تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْءَانِ وَلَا بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ). أي ولا بالكتب السماوية السابقة.
فإنّ إنكار الإيمان بكتب الأنبياء السابقين ، يحتمل أن يكون المقصود به ، نفي نبوّة الرسول صلىاللهعليهوآله من خلال نفي الكتب السماوية الاخرى ، باعتبار أنّ القرآن أكّد على موضوع ورود دلائل على نبوّة الرسول صلىاللهعليهوآله في التوراة والإنجيل ، ولهذا يقولون : نحن لا نؤمن لا بهذا الكتاب ولا بالكتب التي سبقته.
ثم تنتقل إلى الحديث حول وضع هؤلاء في القيامة من خلال مخاطبة الرسول صلىاللهعليهوآله فيقول تعالى : (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ).