فبعد هذه الجملة مباشرة ، وبكلمة واحدة يشطب على هذه الأباطيل فيقول : (كَلَّا). فهذه الأشياء لا تستحق أن تعبد أبداً وهذه الأوهام والتصورات ليس لها شيء من الواقعية.
ثم لأجل تأكيد وتثبيت هذا المعنى يقول مختتماً الحديث : (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). فعزته وقدرته الخارقة ، تقتضي الدخول في حريم ربوبيته ، وحكمته تقتضي توجيه هذه القدرة في محلها.
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ) (٣٠)
الدعوة العالمية : الآية الاولى من هذه الآيات ، تتحدث في نبوّة الرسول صلىاللهعليهوآله ، والآيات التي تليها تتحدث حول الميعاد.
أشارت الآيات ابتداءً إلى شمولية دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله وعمومية نبوّته لجميع البشر فقالت : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ).
«كافّة» : من مادة «كفّ» وتعني الكفّ من يد الإنسان ، وبما أنّ للإنسان يقبض على الأشياء بكفّه تارةً ويدفعها عنه بكفّه تارةً اخرى ، فلذا تستخدم هذه الكلمة للقبض أحياناً ، وللمنع اخرى. وهنا بمعنى «الجمع» وفي هذه الحالة يكون مفهوم الآية «إنّنا لم نرسلك إلّا لجميع الناس». أي عالمية دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله.
وبناءً على ما أشارت إليه الآيات السابقة من أنّ الله سبحانه وتعالى يجمع الناس ويحكم بينهم تورد هذه الآية سؤال منكري المعاد كما يلي : (وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
ولكن القرآن الكريم يمتنع دائماً عن الإجابة الصريحة على هذا السؤال وتعيين زمان وقوع البعث ، ويؤكّد أنّ هذه الامور هي من علم الله الخاصّ به سبحانه وتعالى ، وليس لأحد غيره الإطّلاع عليها.
لذا فقد تكرّر في الآية التي بعدها ، هذا المعنى بعبارة اخرى. يقول تعالى : (قُل لَّكُم مّيعَادُ