وينبغي أن يلاحظ أنّ التلاوة ينبغي أن تقترن بالتفكر في معانيها والتأمل في مفاهيمها ، وأن يعقب ذلك جميعاً العمل بها ، وتحويلها إلى قواعد يسترشدها الإنسان المسلم في سلوكه.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١)
معراج النبي صلىاللهعليهوآله : الآية الاولى في سورة الإسراء تتحدّث عن إسراء النبي صلىاللهعليهوآله أي سفره ليلاً من المسجد الحرام في مكّة المكرمة إلى المسجد الأقصى (في القدس الشريف). وقد كان هذا السفر «الإسراء» مقدمة لمعراجه صلىاللهعليهوآله إلى السماء. وقد لوحظ في هذا السفر أنّه تمّ في زمن قياسي حيث إنّه لم يستغرق سوى ليلة واحدة بالنسبة إلى وسائل نقل ذلك الزمن ولهذا كان أمراً اعجازياً وخارقاً للعادة.
السورة المباركة تبدأ بالقول : (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ).
وقد كان القصد من هذا السفر الليلي الإعجازي هو (لِنُرِيَهُ مِنْءَايَاتِنَا).
وبالرغم من أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله كان عارفاً بعظمة الله سبحانه ، وكان عارفاً أيضاً بعظمة خلقه ، لقد كان الهدف من هذا السفر الإعجازي أن تمتلىء روح رسول الله صلىاللهعليهوآله أكثر بدلائل العظمة الربانية ، وآيات الله في السماوات ، ولتجد روحه السامية في هذه الآيات زخماً إضافياً يوظّفه صلىاللهعليهوآله في هداية الناس إلى ربّ السماوات والأرض.
ثم خُتمت الآية بالقول : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وهذه إشارة إلى أنّ الله تبارك وتعالى لم يختر رسوله ولم يصطفه لشرف الإسراء والمعراج ، إلّابعد أن اختبر استعداده لهذا الشرف ولياقته لهذا المقام ، فالله تبارك وتعالى سمع قول رسوله ورأى عمله وسلوكه فاصطفاه للمقام السامي الذي اختاره له في الإسراء والمعراج (١).
__________________
(١) من المشهور بين علماء الإسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عندما كان في مكة أسرى به الله تبارك وتعالى بقدرته من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومن هناك صعد به إلى السماء «المعراج» ليرى آثار العظمة الربانية وآيات الله الكبرى في فضاء السماوات ، ثم عاد صلىاللهعليهوآله في نفس الليلة إلى مكة المكرمة.
والمعروف أيضاً أنّ سفر الرسول صلىاللهعليهوآله في الإسراء والمعراج قد تمّ بجسم رسول الله وروحه معاً.