(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّدًا وَقِيمًا). في عتمة الليل حيث أعين الغافلين نائمة ، وحيث لا مجال للتظاهر والرياء ، حرّموا على أنفسهم لذة النوم ، ونهضوا إلى ما هو ألذّ من ذلك ، حيث ذكر الله والقيام والسجود بين يدي عظمته عزوجل.
الصفة الرابعة لهم هي الخوف من العذاب الإلهي : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا). أي شديداً ومستديماً. (إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا).
ومع أنّهم مشتغلون بذكر الله وعبادته في الليالي ، ويقضون النهار في إنجاز تكاليفهم ، فإنّ قلوبهم أيضاً مملوءة بالخوف من المسؤوليات.
«غرام» : في الأصل بمعنى المصيبة والألم الشديد الذي لا يفارق الانسان. وتطلق هذه الكلمة على «جهنم» لأنّ عذابها شديد ودائم لا يزول.
في الآية الأخيرة يشير جل ذكره إلى الصفة الممتازة الخامسة ل «عباد الرحمن» التي هي الإعتدال والإبتعاد عن أي نوع من الإفراط والتفريط في الأفعال ، خصوصاً في مسألة الإنفاق ، فيقول تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامًا).
الملفت للإنتباه أنّه يورد الكلام في كيفية إنفاقهم فيقول : إنّ إنفاقهم إنفاق عادل (معتدل) بعيد عن أي إسراف وبخل ، فلا يبذلون بحيث تبقى أزواجهم وأولادهم جياعاً ، ولا يقترون بحيث لا يستفيد الآخرون من مواهبهم وعطاياهم.
إنّ «الإسراف» هو أن ينفق المسلم أكثر من الحد ، وفي غير حق ، وبلا داع ، و «الإقتار» هو أن ينفق أقل من الواجب.
«قوام» : لغة بمعنى العدل والإستقامة والحد والوسط بين شيئين.
(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَاباً) (٧١)
ميزة «عباد الرحمن» السادسة التي وردت في هذه الآيات هي التوحيد الخالص الذي