٨ ، ٩ ، ١٠ ـ ولمّا كان جامعاً لكل هذه الصفات البارزة ، والأوسمة الكبيرة ، فإنّ الله سبحانه قد سلّم عليه في ثلاثة مواطن : (وَسَلمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).
إنّ جملة (سَلمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ ...» يبيّن أنّ في تاريخ حياة الإنسان وانتقاله من عالم إلى عالم آخر ثلاثة أيام صعبة : يوم يضع قدمه في هذه الدنيا : (يَوْمَ وُلِدَ) ويوم موته وانتقاله إلى عالم البرزخ (وَيَوْمَ يَمُوتُ) ويوم بعثه في العالم الآخر (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا). ولمّا كان من الطبيعي أن تكون هذه الأيّام مرافقة للإضطرابات والقلق ، فإنّ الله سبحانه يكتنف خاصة عباده بلطفه وعافيته ، ويجعل هؤلاء في ظلّ حمايته ومنعته في هذه المراحل العسيرة الثلاثة.
شهادة يحيى عليهالسلام : لقد أصبح يحيى ضحيّة للعلاقات غير الشرعية لأحد طواغيت زمانه مع أحد محارمه ، حيث تعلّق «هروديس» ملك فلسطين اللاهث وراء شهواته ببنت أخته «هروديا» ولذلك صمم على الزواج منها.
فبلغ هذا الخبر نبي الله العظيم يحيى عليهالسلام ، فأعلن بصراحة أنّ هذا الزواج غير شرعي ومخالف لتعليمات التوراة ، وسأقف أمام مثل هذا العمل.
لقد انتشر صخب وضوضاء هذه المسألة في كل أرجاء المدينة ، وسمعت تلك الفتاة (هروديا) بذلك ، فكانت ترى يحيى أكبر عائق في طريقها ، ولذلك صممت على الإنتقام منه في فرصة مناسبة ، فعمّقت علاقتها بخالها ووطّدتها ، وجعلت من جمالها مصيدة له ، فقالت هروديا : لا أريد منك إلّارأس يحيى.
فسلّم هيروديس لما أرادت من دون أن يفكّر ويتنبه إلى عاقبة هذا العمل ، ولم يمض قليل من الزمن حتى احضر رأس يحيى عند تلك المرأة الفاجرة ، إلّاأنّ عواقب هذا العمل الشنيع قد أحاطت به ، وأخذت بأطرافه في النهاية.
في تفسير مجمع البيان عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال : «خرجنا مع الحسين عليهالسلام فما نزل منزلاً ولا ارتحل منه إلّاذكر يحيى بن زكريا وقتله ، وقال يوماً : ومن هوان الدنيا على الله عزوجل أنّ رأس يحيى بن زكريا اهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل». أي إنّ ظروفي تشابه من هذه الناحية ظروف وأحوال يحيى ، لأنّ أحد أهداف ثورتي محاربة الأعمال المخزية لطاغوت زماني يزيد.