وإذا تجاوزنا ذلك ، فإنّ بإمكان هذه الموهبة التي تعتبر إعجازاً أن تحكّم أسس الإيمان في قلوب الناس ، وكانت هذه أيضاً موهبة اخرى.
لقد ورد اسم «يحيى» في القرآن الكريم خمس مرات ـ في سور آل عمران ، والأنعام ، ومريم ، والأنبياء ـ فهو واحد من أنبياء الله الكبار ، ومن جملة امتيازاته ومختصاته أنّه وصل إلى مقام النبوة في مرحلة الطفولة.
(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً (١٢) وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً (١٣) وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً (١٤) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً) (١٥)
صفات يحيى عليهالسلام البارزة : رأينا في الآيات السابقة كيف أنّ الله سبحانه منّ على زكريا عند كبره بيحيى ، وبعد ذلك فإنّ أوّل ما نلاحظه في هذه الآيات هو الأمر الإلهي المهم الذي يخاطب يحيى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتبَ بِقُوَّةٍ).
إنّ المراد من الكتاب هنا هو التوراة ، فإنّ المراد من أخذ الكتاب بقوة هو إجراء وتنفيذ ما جاء في كتاب التوراة السماوي وأن يعمل بكلّ ما فيه ، وأن يستعين بكل القوى المادية والمعنوية في سبيل نشره وتعميمه.
ثم أشار القرآن الكريم إلى المواهب العشرة التي منحها الله ليحيى والتي اكتسبها بتوفيق الله :
١ ـ (وَءَاتَيْنهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا). وهو أمر النبوة والعقل والذكاء والدراية.
٢ ـ (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا). و «الحنان» في الأصل بمعنى الرحمة والشفقة والمحبة وإظهار العلاقة والمودة للآخرين.
٣ ـ (وَزَكَوةً). أي أعطيناه روحاً طاهرة وزكية.
٤ ـ (وَكَانَ تَقِيًّا). فكان يجتنب كل ما يخالف الأوامر الالهية.
٥ ـ (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ).
٦ ـ (وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا) فلم يكن رجلاً ظالماً ومتكبّراً وانانيّاً.
٧ ـ ولم يكن (عَصِيًّا) ولم يقترف ذنباً ومعصية.