بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) (٦)
دعاء زكريا المستجاب : مرّة اخرى نواجه الحروف المقطعة في بداية هذه السورة ، ولمّا كنّا قد بحثنا تفسير هذه الحروف المقطعة بصورة مفصّلة في بداية ثلاث سور مختلفة فيما سبق ـ سورة البقرة وآل عمران والأعراف ـ فلا نرى حاجة للتكرار هنا.
ولكن ما ينبغي اضافته هنا هو وجود طائفتين من الروايات في المصادر الإسلامية تتعلق بالحروف المقطعة في هذه السورة (كهيعص).
الاولى : تقول بأنّ كل حرف من هذه الحروف يشير إلى اسم من أسماء الله الحسنى ، فالكاف يشير إلى الكافي ، وهو من أسماء الله الحسنى ، والهاء تشير إلى الهادي ، والياء إشارة إلى الولي ، والعين إشارة إلى العالم ، والصاد إشارة إلى صادق الوعد (١).
الثانية : تفسّر هذه الحروف المقطعة بحادثة ثورة الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء : فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد إشارة إلى صبره (٢).
وكما قلنا مراراً ، فإنّ لآيات القرآن أنوار ومعان مختلفة ، ومع تنوعها واختلافها فإنّه لا يوجد تناقض بينها.
وبعد ذكر الحروف المقطعة ، تشرع الكلمات الاولى باستعراض قصة زكريا عليهالسلام فتقول : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا). وفي ذلك الوقت الذي كان زكريا عليهالسلام مغتماً ومتألماً فيه
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ٣ / ٣٢٠.
(٢) المصدر السابق.