الأسس والأصول للإعتقادات الدينية ، التي تتركّز في التوحيد والمعاد ورسالة الرّسول صلىاللهعليهوآله. ففي البداية تحدّثت السورة عن الله والوحي والجزاء والقيامة ، والآية الأخيرة هي خلاصة لمجموع ما ورد في السورة ، التي اشتملت في قسم مهم منها على الأصول الثلاثة الآنفة باعتبارها محاور للسورة.
ولأنّ قضية النبوة قد اقترنت مع أشكال من الغلو والمبالغة على طول التاريخ ، لذا فإنّ الآية تقول : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ).
وهذا التعبير القرآني نسف جميع الإمتيازات المقرونة بالشرك التي تخرج الأنبياء من صفة البشرية إلى صفة الألوهية.
ثم تشير الآية إلى قضية التوحيد من بين جميع القضايا الاخرى في الوحي الإلهي حيث تقول : (أَنَّمَا إِلهُكُم إِلهٌ وَاحِدٌ).
أمّا لماذا تمّت الإشارة إلى هذه القضية؟ فذلك لأنّ التوحيد هو خلاصة جميع المعتقدات ، وغاية كل البرامج الفردية والاجتماعية التي تجلب السعادة للإنسان.
وفي مكان آخر ، أشرنا إلى أنّ التوحيد ليس أصلاً من أصول الدين وحسب ، وإنّما هو خلاصة لجميع أصول وفروع الإسلام.
لهذا السبب نقرأ في حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «حدثني جبرائيل عليهالسلام قال : سمعت ربّ العزّة سبحانه وتعالى يقول : كلمة لا إله إلّاالله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي» (١).
الجملة الثالثة في الآية الكريمة تشير إلى قضية البعث وتربطها بالتوحيد بواسطة (فاء التفريع) ، حيث تقول : (فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا).
بالرغم من أنّ لقاء الله بمعنى المشاهدة الباطنية ورؤية الذات المقدسة بعين البصيرة هو أمر ممكن في هذه الدنيا بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين ، إلّاأنّ هذه القضية تكتسب جانباً عاماً يوم القيامة بسبب مشاهدة الآثار الكبيرة والواضحة والصريحة للخالق تبارك وتعالى. لذا فإنّ القرآن استخدم هذا التعبير في خصوص يوم القيامة.
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٩ / ١٢٧.