(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هذَا نَصَباً (٦٢) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قَالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً) (٦٤)
لقاء موسى والخضر عليهماالسلام : ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره : لمّا أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله قريشاً بخبر أصحاب الكهف ، قالوا : أخبرنا عن العالم الذي أمر الله موسى عليهالسلام أن يتبعه ، من هو؟ كيف تبعه؟ وما قصّته؟ فأنزل الله تعالى.
لقد ذكرت في سورة الكهف ثلاث قصص متناسقة وهذه القصص هي : قصة أصحاب الكهف التي إنتهينا منها ؛ وقصة موسى والخضر عليهماالسلام ؛ وقصة ذي القرنين التي سنقف على ذكرها فيما بعد.
هذه القصص الثلاث تخرجنا من الأفق المحدود في حياتنا وما تعوّدنا عليه وألفناه ، وتبيّن لنا أنّ حدود العالم لا تنحصر في نطاق ما نرى وما نشاهد ، وأنّ الشكل العام للحوادث والأحداث ليس هو ما نفهمه من خلال النظرة الاولى.
فإنّ قصة موسى والخضر لها أبعاد عجيبة اخرى. ففي القصة يواجهنا مشهد عجيب نرى فيه نبيّاً من أولي العزم بكل وعيه ومكانته في زمانه يعيش محدودية في علمه ومعرفته من بعض النواحي ، وهو لذلك يذهب إلى معلم (هو عالم زمانه) ليدرس ويتعلّم على يديه.
في أوّل آية نقرأ قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتهُ لَاأَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا).
إنّ المعني بالآية هو بلا شك موسى بن عمران النبي المعروف من أولي العزم.
أمّا المعني من فتاه فهو يوشع بن نون ، الرجل الشجاع الرشيد المؤمن من بني اسرائيل.
«مجمع البحرين» : بمعنى محل التقاء البحرين ، والمقصود بمجمع البحرين هو محل اتصال «خليج العقبة» مع «خليج السويس» ، وهذان الخليجان يتصلان بالبحر الأحمر.
«حقب» : تعني المدة الطويلة والتي فسّرها البعض بثمانين عاماً ، وغرض موسى عليهالسلام من هذه الكلمة ، هو أنّني سوف لا أترك الجهد والمحاولة للعثور على ما ضيّعته ولو أدّى ذلك أن أسير عدّة سنين.