المادية ، ولا الملابس المختلفة ، وليس هناك ناصر أو معين ، ستعودون كمثل الحالة التي خلقناكم فيها أوّل مرّة ، بالرغم من أنّكم كنتم تتوهمون عدم امكان ذلك : (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا).
وذلك في وقت سيطرت فيه حالة الغرور عليكم بما أوتيتم من إمكانات مادية غفلتم معها عن الآخرة ، وأصبحتم تفكّرون في حياتكم الدنيا وخلودها ، وغفلتم عن نداء الفطرة فيكم.
ثم تشير الآيات إلى مراحل اخرى من يوم البعث والمعاد فتقول : (وَوُضِعَ الْكِتبُ). هذا الكتاب الذي يحتوي على أحوال الناس بكل تفصيلاتها : (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ). وذلك عندما يطّلعون على محتواه فتتجلى آثار الخوف والوحشة على وجوههم.
في هذه الأثناء يصرخون : (وَيَقُولُونَ يوَيْلَتَنَا مَالِ هذَا الْكِتبِ لَايُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصهَا).
بالإضافة إلى الكتاب المكتوب ثمة دليل آخر : (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا). وجدوا الحسنات والسيئات ، الظلم والعدل ، السلبيات والخيانات ، كل هذه وغيرها وجدوها متجسّدة أمامهم.
في الواقع إنّهم يلاقون مصير أعمالهم : (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). الذي سيشملهم هناك هو ـ لا محالة ـ ما قاموا به في هذه الحياة الدنيا ، لذلك فلا يلومون أحداً سوى أنفسهم.
ترى ما مقدار ما يعكسه الإيمان بهذا اليوم ـ بهذه المحكمة بكلّ ما تتخلله من مشاهد ومواقف ـ على قضية تربية الإنسان ودفعه ليتحرك في خط الرسالة والاستقامة والابتعاد عن الشهوات. فهل يمكن أن يجمع الإنسان بين الذنب ، وبين إيمانه ويقينه بهذا اليوم؟!
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً) (٥٣)