بعد ذلك بمعنى السهام التي تحسب عند رميها ، وتأتي أيضاً بمعنى الجزاء المرتبط بحساب الأشخاص ، وهذا هو ما تشير إليه الآية أعلاه.
«صعيد» : تعني القشرة التي فوق الأرض ، وهي في الأصل مأخوذة من كلمة صعود.
«زلق» : بمعنى الأرض الملساء بدون أي نباتات بحيث إنّ قدم الإنسان تنزلق عليها.
في الواقع ، إنّ الرجل المؤمن والموحد حذّر صديقه المغرور أن لا يطمأن لهذه النعم ، لأنّها جميعاً في طريقها إلى الزوال وهي غير قابلة للإعتماد.
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً) (٤٤)
العاقبة السوداء : أخيراً انتهى الحوار بين الرجلين دون أن يؤثّر الشخص الموحد المؤمن في أعماق الغني المغرور ، الذي رجع إلى بيته وهو يعيش نفس الحالة الروحية والفكرية ، وغافل أنّ الأوامر الإلهية قد صدرت بإبادة بساتينه ومزروعاته الخضراء ، وأنّه وجب أن ينال جزاء غروره وشركه في هذه الدنيا ، لتكون عاقبته عبرة للآخرين.
ويحتمل أنّ العذاب الإلهي قد نزل في تلك اللحظة من الليل عندما خيّم الظلام ، على شكل صاعقة مميتة أو عاصفة هوجاء مخيفة ، أو على شكل زلزال مخرّب ومدمّر. وأيّاً كان فقد دمّرت هذه البساتين الجميلة والأشجار العالية والزرع المثمر ، حيث أحاط العذاب الإلهي بتلك المحصولات من كل جانب : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ).
«أحيط» : مشتقة من «إحاطة» وهي في هذه الموارد تأتي بمعنى (العذاب الشامل) الذي تكون نتيجته الإبادة الكاملة.
وعند الصباح جاء صاحب البستان وتدور في رأسه الأحلام العديدة ليتفقد ويستفيد من محصولات البستان ، ولكنّه قبل أن يقترب منه واجهه منظر مدهش وموحش ، يبس الماء في فمه ، وتحطّم الكبرياء والغرور اللذان كانا يثقلان نفسه وعقله. كأنّه صحا من نوم عميق : (فَأَصْبَحَ يُقَلّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا).
وفي هذه اللحظة ندم على أقواله وأفكاره الباطلة : (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبّى أَحَدًا).