والبلاء ، وتوضّح الخط الذي ينبغي أن يسلكه الإنسان : (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا).
لقد ملأنا العالم بأنواع الزينة ، بحيث إنّ كل جانب فيه يذهب بالقلب ، ويحيّر الأبصار ، ويثير الدوافع الداخلية في الإنسان ، كيما يتسنى امتحانه في ظلّ هذه الإحساسات والمشاعر ووسط أنواع الزينة وأشكالها ، لتظهر قدرته الإيمانية ، ومؤهّلاته المعنوية.
لذلك تضيف الآية مباشرة قوله تعالى : (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
إنّ هنا إنذار لكل الناس ، لكل المسلمين كي لا ينخدعوا في ساحة الاختبار بزينة الحياة الدنيا ، وبدلاً من ذلك عليهم أن يفكّروا بتحسين أعمالهم.
ثم يبيّن تعالى أنّ أشياء الحياة الدنيا ليست ثابتة ولا دائمة ، بل مصيرها إلى المحو والزوال : (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا).
«صعيد» : مشتقة من «صعود» وهي هنا تعني وجه الأرض ، الوجه الذي يتّضح فيه التراب ؛ و «جرز» : تطلق على الأرض الموات بسبب الجفاف وقلّة المطر.
إنّ المنظر الذي نشاهده في الربيع في الصحاري والجبال لا تبقى إذ لابدّ أن يأتي الخريف ، وتسكت فيها نغمة الحياة.
حياة الإنسان المادية تشبه هذا التحوّل ، فلا بدّ أن يأتي ذلك اليوم الذي يضع نهاية للقصور التي تناطح السماء ، وللملابس الباذخة والنعم الكثيرة التي يرفل بها الإنسان ، كذلك تنتهي المناصب والمواقع والإعتبارات ، وسوف لن يبقى شيء من المجتمعات البشرية سوى القبور الساكنة اليابسة ، وهذا درس عظيم.
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) (١٢)
أسباب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس أنّ النضر بن الحرث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط