(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٥٨)
في الآيات السابقة تبيّنت هذه الحقيقة وهي : أنّنا أتممنا الحجة على المشركين ، وآتيناهم الكتاب السماوي (أي القرآن) لهدايتهم جميعاً ، لكي لا يبقى لديهم أيّ عذر يبرّرون به مخالفتهم للرسالة ومعارضتهم للدعوة. وهذه الآية تقول : ولكن هؤلاء الأشخاص المخاصمين المعاندين بلغوا في لجاجهم وعنادهم حدّاً لا يؤثّر فيهم حتى هذا البرنامج الواضح البيّن ، وكأنّهم يتوقعون وينتظرون هلاكهم ، أو ذهاب آخر فرصة ، أو ينتظرون اموراً مستحيلة. فيقول أوّلاً : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلِكَةُ) لتقبض أرواحهم.
(أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ) إليهم فيرونه ، حتى يؤمنوا به.
ويراد من هذا الكلام أنّهم ينتظرون اموراً مستحيلة.
ثم يقول : أو أنّكم تنتطرون أن تتحقق بعض الآيات الإلهية والعلامات الخاصة بيوم القيامة ونهاية العالم يوم تنسدّ كل أبواب التوبة : (أَوْ يَأْتِىَ بَعْضُءَايَاتِ رَبّكَ).
ثم يضيف عقيب ذلك قائلاً : (يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُءَايَاتِ رَبّكَ لَايَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا) فأبواب التوبة حينذاك مغلقة في وجوه الذين لم يؤمنوا إلى تلك الساعة ، لأنّ التوبة ساعتئذ تكون ذات صبغة اضطرارية إجبارية ، وفاقدة لمعطيات الإيمان الاختياري وقيمة التوبة النصوح.
ثم إنّه في المقطع الأخير من الآية يوجّه تهديداً شديداً إلى هؤلاء الأشخاص المعاندين ، إذ يقول بنبرة شديدة : (قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ).
إنّ من النقاط الهامة التي نستفيدها من الآية الحاضرة هو أنّ الآية تعتبر طريق النجاة منحصرة في الإيمان ، ذلك الإيمان الذي يكتسب المرء فيه خيراً ويعمل في ظلّه عملاً صالحاً.
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (١٦٠)