مختلقة نابعة عن محض الهوى والتقليد الأعمى ، ولا اعتبار لها مطلقاً.
ولذلك قال في العبارة اللاحقة : (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بَايَاتِنَا وَالَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ وَهُم بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١).
يعني أنّ وثنيتهم ، وإنكارهم للقيامة والبعث ، والخرافات ، وإتباعهم للهوى ، شواهد حيّة على أنّ أحكامهم هذه مختلقة أيضاً ، وأنّ إدعاءهم في مسألة تحريم هذه الموضوعات من جانب الله لا قيمة له ، ولا أساس له من الصحة.
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣)
بعد نفي أحكام المشركين المختلقة التي مرّت في الآيات المتقدمة ، أشارت هذه الآيات الثلاثة إلى أصول المحرمات في الإسلام ، وذكرت الذنوب الرئيسية الكبيرة في عشرة أقسام ببيان مقتضب ، عميق وفريد ، ودعت المشركين إلى أن يحضروا عند النّبي ويستمعوا إلى ما يتلى عليهم من المحرّمات الإلهية الواقعية ، ويتركوا المحرمات المختلقة جانباً. يقول : (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ).
١ ـ (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيًا).
__________________
(١) «يعدلون» : مشتق من مادة «عدل» بمعنى الشريك والشبيه ، وعلى هذا الأساس فإنّ مفهوم جملة «وهم بربّهم يعدلون» هو أنّهم كانوا يعتقدون بشريك وشبيه لله سبحانه.