الكتب التي نزلت قبله : (مُّصَدّقُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ).
والمقصود من أنّ القرآن يصدّق الكتب التي بين يديه ، هو أنّ جميع الإشارات والإمارات التي وردت فيها تنطبق عليه. وبناءاً على ذلك فصدق القرآن يتجلى في محتواه من جهة ، وفي المستندات التاريخية من جهة اخرى.
ثم يبيّن القرآن هدف نزوله وهو توجيه الإنذار والتحذير لُام القرى (مكة) والساكنين حولها وتنبيههم إلى مسؤولياتهم وواجباتهم : (وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا).
وفي الختام تقرر الآية أنّ الذين يعتقدون بيوم القيامة ، يوم الحساب والجزاء ، سيصدّقون بهذا الكتاب ، ويؤدّون فريضة الصلاة ولا يفرّطون فيها : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ).
إنّ اليابسة قد انتشرت من تحت الكعبة وهو ما أطلق عليه اسم «دحو الأرض».
«ومن حولها» أي جميع الناس الذين يسكنون الأرض برمّتها.
نلاحظ في هذه الآية أنّها تشير إلى الصلاة من بين جميع الفرائض الدينية ، ونعلم أنّ الصلاة هي مظهر الإرتباط بالله ، ولذلك كانت أرفع من جميع العبادات منزلة ، ويرى بعضهم أنّه عند نزول هذه الآية كانت العبادة الوحيدة المفروضة حتى ذلك الوقت هي الصلاة.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)(٩٣)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ، فقيل : نزلت في مسيلمة ، حيث ادّعى النبوة إلى قوله (وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ) وقوله (سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللهُ) في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فإنّه كان يكتب الوحي للنبي عليهالسلام فكان إذا قال له اكتب عليماً حكيماً ، كتب غفوراً رحيماً ، وإذا قال له اكتب غفوراً رحيماً كتب عليماً حكيماً ، وارتدّ ولحق بمكة ، وقال إنّي مثل ما أنزل الله.
هذه الآية ، مثل سائر آيات القرآن ، نزلت في ظروف خاصة ، وهي ذات محتوى عام يشمل كل من إدّعى النبوة وأمثالهم.