قدرة الإنسان جاءهم بالناقة التي هي آية من آيات الله وقال : (وَيَا قَوْمِ هذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ).
«الناقة» : في اللغة هي انثى الجمل ، وقد اضيفت إلى لفظ الجلالة «الله» وهذه الإضافة تدل على أنّ هذه الناقة لها خصائص معينة ، ومع الإلتفات إلى ما عبّر عنها في الآية المتقدمة بأنّها «آية» وعلامة إلهيّة ودليل على الحقانيّة ، يتّضح أنّها لم تكن ناقة عادية ، بل كانت خارقة للعادة من جهة أو جهات متعددة.
إنّ القرآن ذكر قصة ناقة صالح بشكل مجمل غير أنّنا نقرأ في روايات كثيرة ، أنّ هذه الناقة خرجت من قلب الجبل ، ولها خصائص اخرى ليس هنا مجال سردها.
وعلى كل حال ، فمع جميع ما أكّده نبيّهم العظيم «صالح» في شأن الناقة ، فقد صمّموا أخيراً على القضاء عليها ، لأنّ وجودها مع ما فيها من خوارق مدعاة لتيقظ الناس والتفافهم حول النبي صالح عليهالسلام ، لذلك فإنّ جماعة من المعاندين لصالح من قومه الذين كانوا يجدون في دعوة صالح خطراً على مصالحهم ، ولا يرغبون أن يستفيق الناس من غفلتهم فتتعرض دعائم استعمارهم للتقويض والانهيار ، فتآمروا للقضاء على الناقة وهيأوا جماعة لهذا الغرض ، وأخيراً أقدم أحدهم على مهاجمتها وضربها بالسكين فهوت إلى الأرض (فَعَقَرُوهَا).
«عقروها» : مشتقة من مادة «العُقر» على وزن «الظلم» ومعناه : أصل الشيء وأساسه وجذره ، لأنّ نحر البعير يستلزم زوال وجوده من الأصل.
العلاقة الدينية : إنّ الإسلام يعدّ الرضا الباطني في أمر ما والإرتباط معه إرتباطاً عاطفياً بمنزلة الاشتراك فيه. يقول الإمام علي عليهالسلام في الخطبة (٢٠١) في نهج البلاغة : «وإنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضا».
وهناك روايات متعددة في المضمون ذاته نقلت عن نبي الخاتم وأهل بيته الكرام ، وهي تكشف غاية الإهتمام من قبل هؤلاء السادة العظام بالعلاقة العاطفية والمناهج الفكرية المشتركة بجلاء.
وفي نهاية الآية نقرأ أنّ النبي «صالحاً» بعد أن رأى تمرّد قومه وعقرهم الناقة أنذرهم (فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِى دَارِكُمْ ثَلثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ). فهو وعد الله الذي لا يتغير وما أنا من الكاذبين.