رجوا من الله سبحانه أن ينجيهم من شر الأعداء ووساوسهم وضغوطهم ويؤمّنهم : (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
(وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (٨٩)
المرحلة الرابعة : مرحلة البناء من أجل الثورة : شرحت هذه الآيات مرحلة اخرى من نهضة وثورة بني إسرائيل ضد الفراعنة. فتقول أوّلاً : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبلَةً). فالأمر الإلهي يقرر اختيار البيوت لبني اسرائيل بمصر وأن تكون هذه البيوت متقاربة ومتقابلة.
ثم تطرقت إلى مسألة تربية النفس معنوياً وروحياً ، فقالت : (وَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ). ومن أجل أن تطرد آثار الخوف والرعب من قلوب هؤلاء وتعيد وتزيد من قدرتهم المعنوية والثورية قالت : (وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
يستفاد من مجموع هذه الآية أنّ بني إسرائيل كانوا في تلك الفترة بصورة جماعة متشتتة مهزومة ومتطفلة وملوّثة وخائفة ، فلا مأوى لهم ولا اجتماع مركزي.
لذلك فإنّ موسى وأخاه هارون قد تلقوا مهمة وضع برنامج في عدّة نقاط من أجل تطهير مجتمع بني إسرائيل ، وخاصه في الجانب الروحي :
١ ـ الإهتمام أوّلاً بمسألة بناء المساكن ، وعزل مساكنهم عن الفراعنة.
٢ ـ أن يبنوا بيوتهم متقاربة ويقابل بعضها الآخر.
٣ ـ التوجه إلى العبادة ، وخاصه الصلاة التي تحرر الإنسان من عبودية العباد.
الملفت للنظر أنّ بني إسرائيل من أولاد يعقوب ، وجماعة منهم من أولاد يوسف طبعاً ، وقد حكم هو واخوته مصر سنين طويلة ، وسعوا في عمران هذا الوطن ، إلّاأنّه نتيجة لتركهم طاعة الله والغفلة والخلافات الداخلية وصلوا إلى مثل هذا الوضع المأساوي.