إضافة إلى أنّه : (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ). وهذا التعبير دليل آخر على امتياز عمل الأنبياء عن السحر.
إنّ السحرة لا يرون وجه الفلاح مطلقاً ، ولا يعملون إلّامن أجل المال والثروة والمنصب والمنافع الشخصية ، في حين أنّ هدف الأنبياء هداية خلق الله وإصلاح المجتمع الإنساني من جميع جوانبه المادية والمعنوية.
ثمّ يستمر فرعون وملئه في رمي موسى عليهالسلام بسيل الإتهامات الصريحة ، حيث (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِءَابَاءَنَا).
الواقع ، أنّهم قدموا صنم «سنة الآباء» وعظمتهم الخيالية والأسطورية حتى يوجهوا الرأي العام ضد موسى وهارون ، بأنّهما يريدان أن يعبثا بمقدّسات مجتمعكم وبلادكم.
ثمّ استمروا في هذا التشويه ، وقالوا بأنّ دعوتكم إلى دين الله ما هي إلّاكذب محض ، وكل هذه مصائد وخطط خيانية بهدف التسلط على الناس : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِى الْأَرْضِ).
إنّ هؤلاء لما كانوا يسعون دائماً من أجل الحكم الظالم على الناس كانوا يظنون أنّ الآخرين مثلهم ، وهكذا كانوا يفسرون مساعي المصلحين والأنبياء.
(وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ) لأنّا على علم بنواياكم وخططكم الهدامة.
وكانت هذه هي المرحلة الاولى من المواجهة السلبية مع موسى.
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (٨٢)
المرحلة الثّانية : فعندما لاحظ فرعون قسماً من معجزات موسى ، كاليد البيضاء والحية العظيمة ، ورأى أنّ ادّعاء موسى ليس واهياً بدون دليل وبرهان ، وأنّ هذا الدليل سيؤثر في جميع أنصاره أو الآخرين قليلاً أو كثيراً ، فكّر بجواب عملي كما يقول القرآن : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِى بِكُلّ سحِرٍ عَلِيمٍ).
(فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ). فإنّ هؤلاء قد عبؤوا كل ما يملكون من قدرة ، وألقوا كل ما أتوا به معهم في وسط الحلبة : (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم