(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ) (٥٩)
في هذه الآيات المباركة إشارة إلى طائفة اخرى من أعداء الإسلام الذين وجهوا ضربات مؤلمة للمسلمين في حياة النبي صلىاللهعليهوآله المليئة بالأحداث ، إلّاأنّهم ذاقوا جزاء ما اقترفوه مُرّاً وكانت عاقبة أمرهم خُسراً ، وهؤلاء هم يهود المدينة الذين عاهدوا النبي صلىاللهعليهوآله عدة مرات. وتبدأ الآيات فتعرّف هذه الطائفة بأنّها شر الأحياء الموجودة في هذه الدنيا فتقول : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابّ عِندَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَايُؤْمِنُونَ).
وتقول الآية الاخرى : (الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِى كُلّ مَرَّةٍ). والمفروض أن يراعوا الحياد على الأقل فلا يكونوا بصدد الاضرار بالمسلمين وإعانة الأعداء عليهم.
فلاهم يخافون الله تعالى ، ولا يحذرون من مخالفة أوامره ، ولا يراعون القواعد والاصول الإنسانية : (وَهُمْ لَايَتَّقُونَ).
والآية بعدها توضح كيفية اسلوب مواجهة هؤلاء فتقول : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى الْحَرْبِ فَشَرّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ). أي قاتلهم بشكل مدمّر بحيث أن الطوائف القابعة خلفهم لإمدادهم يعتبروا بذلك ويتفرقوا عنهم.
«تثقفنهم» : مأخوذة من مادة «الثقف» على زنة «السقف» بمعنى بلوغ الشيء بدقة وسرعة ، وهي إشارة إلى وجوب التنبه والإطلاع السريع والدقيق على قراراتهم ، والاستعداد لإنزال ضربة قاصمة لها وقع الصاعقة عليهم قبل أن يفاجئوك بالهجوم.
«شرّد» : مأخوذة من مادة «التشريد» وهي بمعنى التفريق المقرون بالاضطراب فينبغي أن يكون الهجوم عليهم بشكل تتفرق معه المجموعات الاخرى من الأعداء وناقضي العهود ، ولا يفكروا بالهجوم عليكم.