ثم تشير الآية إلى عاقبة السوء لمن يرفض
دعوة الله ورسوله إلى الحياة فتقول : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لَاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً).
وكلمة «فتنة» : بمعنى البلاء والمصائب
الاجتماعية التي يصاب بها الجميع.
ومفهوم الآية هنا هو أنّ أفراد المجتمع
مسؤولون عن أداء وظائفهم ، وكذلك فهم مسؤولون عن حثّ الآخرين لأداء وظائفهم أيضاً
، لأنّ الاختلاف والتشتت في قضايا المجتمع يؤدّي إلى إنهياره ، ويتضرر بذلك
الجميع.
وتُختتم الآية بلغة التهديد فتقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ).
ويأخذ القرآن الكريم مرّة اخرى بأيدي
المسلمين ليعيدهم نحو تاريخهم ، فكم كانوا في بداية الأمر ضعفاء وكيف صاروا ،
لعلّهم يدركون الدرس البليغ الذي علّمهم إيّاه في الآيات السابقة فيقول : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ
مُّسْتَضْعَفُونَ فِى الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ).
وهذه عبارة تشير إلى الضعف وقلّة عدد
المسلمين في مكّة قبل الهجرة قبال المشركين الأقوياء. أو في المدينة بعد الهجرة في
مقابل القوى الكبرى كالفرس والروم : (فَاوَيكُمْ
وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا
أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
(٢٨)
سبب النّزول
روى في تفسير مجمع البيان عن الإمامين
الباقر والصادق عليهماالسلام
: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوآله
الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى
أذرعات ، وأريحاء من أرض الشام ، فأبى أن يعطيهم ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله
إلّاأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة وكان مناصحاً
لهم لأنّ عياله وماله وولده كانت عندهم ، فبعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فأتاهم ، قالوا : ما ترى يا أبا لبابة أتنزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو
لبابة إلى حلقه : إنّه الذبح فلا تفعلوا. فأتاه جبرائيل عليهالسلام
فأخبره بذلك. قال أبو لبابة : فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت إنّي قد
خنت الله