فيحرّفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلّة معرفتهم وآخرون يتعمّدون الكذب علينا» (١).
(وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٨١)
غرور وادعاء فارغ : يشير القرآن الكريم هنا إلى واحدة من إدعاءات اليهود الدالة على غرورهم ، هذا الغرور الذي يشكل الأساس لكثير من انحرافات هؤلاء القوم : (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً). ثم تجيبهم الآية بأسلوب مُفحِم : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَاتَعْلَمُونَ).
اعتقاد اليهود بأنّهم شعب الله المختار ، وأنّ عنصرهم متفوق على سائر الأجناس البشرية ، وأنّ مذنبيهم لن يدخلوا جهنم سوى أيّام قليلة.
إدّعاء اليهود المذكور في الآية الكريمة لا ينسجم مع أي منطق.
الآية الكريمة تدحض مزاعمهم بدليل منطقي ، وتفهمهم أنّ مزاعمهم هذه إمّا أن تكون قائمة على أساس عهد لهم اتخذوه عند الله ، ولا يوجد مثل هذا العهد ، أو أن تكون من افترائهم الكذب على الله.
ثم تبيّن الآية التالية قانوناً عاماً يقوم على أساس المنطق وتقول : (بَلَى مَن كَسَبَ سَيّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
وهذا القانون عام يشمل المذنبين من كل فئة وقوم.
وبشأن المؤمنين الأتقياء ، فهناك قانون عام شامل تبيّنه الآية التالية : (وَالَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
بحوث
١ ـ كسب السيّئة : الكسب والإكتساب : الحصول على الشيء عن إرادة واختيار ، من هنا
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ / ٩٤ (كتاب القضاء ، باب عدم جواز تقليد غير المعصوم).