كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلمَ اللهِ ثُمَّ يُحْرّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وهذه عظة للمسلمين ، ودفع لما قد يعتريهم من يأس نتيجة عدم استطاعتهم إقناع اليهود وجذبهم إلى الدين الجديد.
الآية التالية تلقي الضوء على حقيقة مرّة اخرى بشأن هذه الزمرة المنافقة وتقول : (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَءَامَنُوا قَالُواءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
ويتضح من الآية أنّ إيمان هذه الفئة المنافقة من اليهود ، كان ضعيفاً إلى درجة أنّهم تصوروا الله مثل إنسان عادي ، وظنوا أنهم إذا أخفوا شيئاً عن المسلمين فسيخفى عن الله أيضاً. لذلك تقول الآية التالية بصراحة : (أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ).
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (٧٩)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : عمد جمع من علماء اليهود إلى تغيير صفات نبيّ الخاتم في التوراة من أجل صيانة مصالحهم ، واستمرار الأموال التي كانت تتدفق عليهم سنوياً من جَهَلَة اليهود. فعند ظهور النبي صلىاللهعليهوآله غيّروا ما ذكر من صفاته في التوراة وأبدلوها بصفات اخرى على العكس منها ، كي يموّهوا الأمر على الاميين الّذين كانوا قد سمعوا من قبل بصفات النبي في التوراة ، فمتى ما سألوا علماءهم عن هذا النبي الجديد قرؤوا لهم الآيات المحرفة من التوراة لإقناعهم بهذه الطريقة.
التّفسير
خطّة اليهود في استغلال الجهلة : بعد الحديث عن إنحرافات اليهود في الآيات السابقة قسّمت هاتان الآيتان اليهود إلى مجموعتين : اميين وعلماء ماكرين. عن المجموعة الاولى يقول تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لَايَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).