وسيأتي ذكره. وقلنا لكم : (خُذُوا مَاءَاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ). واجعلوا التوراة دوماً نصب أعينكم : (وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). لكنكم نقضتم الميثاق وجعلتموه وراء ظهوركم : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا الميثاق عبارة عن : توحيد الله ، والإحسان إلى الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين ، والقول الصالح ، وإقامة الصلاة ، وأداء الزكاة ، واجتناب سفك الدماء ، هذه المواد وردت في التوراة كذلك.
من الآية (١٢) لسورة المائدة يتضح أيضاً أنّ الله أخذ ميثاق بني إسرائيل أن يؤمنوا بجميع الأنبياء ويساندوهم ، وأن ينفقوا في سبيل الله. وفي هذه الآية ضمان للقوم بدخول الجنة إن عملوا بهذا الميثاق.
بحوث
١ ـ رفع جبل الطور : أمّا بشأن كيفية رفع جبل الطور في قوله تعالى : (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ). يقول الطبرسي عن أبي زيد : حدث هذا حين رجع موسى من الطور ، فأتى بالألواح ، فقال لقومه : جئتكم بالألواح وفيها التوراة والحلال والحرام فاعملوا بها. قالوا : ومن يقبل قولك؟! فأرسل الله عزوجل الملائكة حتى نتقوا (رفعوا) الجبل فوق رؤوسهم ، فقال موسى عليهالسلام : إن قبلتم ما آتيتكم به وإلّا أرسلوا الجبل عليكم ، فأخذوا التوراة وسجدوا لله تعالى ملاحظين الجبل (أي وهم ينظرون إلى الجبل من طرف خفي) ، فمن ثم يسجد اليهود على أحد شِقّي وجوههم.
الطبرسي ـ كما ذكرنا ـ وجمع من المفسرين ، يذهبون إلى أنّ جبل الطور رفع فوق رؤوس بني إسرائيل بأمر الله لايجاد الظل عليهم.
ويحتمل أيضاً أن تكون قد انفصلت من الجبل صخرة عظيمة بأمر الله على أثر زلزال شديد أو صاعقة ، ومرّت فوق رؤوسهم في لحظات ، فرأوها وتصوروا أنها ستسقط عليهم.
٢ ـ الإلتزام والإرهاب : مسألة رفع الجبل فوق بني إسرائيل لتهديدهم عند أخذ الميثاق تثير سؤالاً بشأن إمكان تحقيق الالتزام عن طريق التخويف والإرهاب.
هناك من قال : إنّ رفع الجبل فوقهم لا ينطوي على إرهاب وتخويف أو إكراه ، لأن أخذ الميثاق بالإكراه لا قيمة له.
الأصح أن نقول : لا مانع من إرغام الأفراد المعاندين المتمردين على الرضوخ للحق