من المسلمين ٨٢ رجلاً سوى النساء والصبيان ، فلما علمت قريش بذلك ، وجّهوا عمرو بن العاص وصاحبه عمارة بن الوليد بالهدايا ، إلى النجاشي وإلى بطارقته ليردّوهم إليهم.
فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر ... وألقى الله بينهما العداوة في مسيرهما ، قبل أن يقدما إلى النجاشي.
ثم وردا على النجاشي فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك! إنّ قوماً خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا ، وصاروا إليك فردّهم إلينا. ثم قدّما ما حملاه من هدايا إلى النجاشي.
فبعث النجاشي إلى جعفر ، فجاءه ، فقال : يا أيّها الملك سلهم ، أنحن عبيد لهم؟
فقال : لا بل أحرار.
قال : فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟
قال : لا ، ما لنا عليكم ديون.
قال : فلكم في أعناقنا دماء تطالبونا بها؟
قال عمرو : لا.
قال : فما تريدون منّا؟ آذيتمونا فخرجنا من دياركم. ثم قال : أيّها الملك! بعث الله فينا نبيّاً أمرنا بخلع الأنداد وترك الإستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، ونهانا عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فقال النجاشي : بهذا بعث الله عيسى ، ثم قال النجاشي لجعفر : هل تحفظ مما أنزل الله على نبيّك شيئاً؟ قال : نعم ، فقرأ سورة مريم ، فلمّا بلغ قوله : (وَهُزّى إِلَيْكَ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا). قال : هذا والله هو الحق! فقال عمرو : إنّه مخالف لنا فردّه إلينا.
فرفع النجاشي يده وضرب بها وجه عمرو وقال : اسكت ، والله لئن ذكرته بعد بسوء لأفعلنّ بك. وقال : أرجعوا إلى هذا هديته ، وقال لجعفر وأصحابه : امكثوا فإنّكم سيوم ، والسيوم : آمنون ، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق ، فانصرف عمرو وأقام المسلمون هناك بخير دار ، وأحسن جوار إلى أن هاجر رسول الله وعلا أمره وهادن قريشاً ، وفتح خيبر ، فوافى جعفر إلى رسول الله بجميع من كانوا معه ، فقال رسول الله : «لا أدري أنا بفتح خيبر أسرّ أم بقدوم جعفر».
ووافي جعفر وأصحابه رسول الله في سبعين رجلاً ، منهم إثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام ، فيهم بحيراء الراهب ، فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله سورة «يس» إلى آخرها