بالله وبرسوله وبما أنزل عليه ، لما عقدوا أواصر الصداقة مع أعداء الله ولا اعتمدوا عليهم أبداً : (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِىّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ).
ولكن الذي يؤسف له هو أنّ الذين يطيعون أوامر الله قلّة ، ومعظمهم خارجون عن نطاق إطاعته وسائرون على طريق الفسق (وَلكِنَّ كَثِيرًا مّنْهُمْ فَاسِقُونَ).
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (٨٦)
سبب النّزول
المهاجرون الاوَل في الإسلام : نزلت في النجاشي ، وأصحابه. قال المفسرون : ائتمرت قريش أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم ، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين ، يؤذونهم ويعذّبونهم ، فافتتن من افتتن ، وعصم الله منهم من شاء ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب. فلما رأى رسول الله ما بأصحابه ، ولم يقدر على منعهم ، ولم يؤمر بعد بالجهاد ، أمرهم بالخروج إلى أرض الحبشة ، وقال : «إنّ بها ملكاً صالحاً ، لا يظلم ولا يُظلم عنده أحد ، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله عزوجل للمسلمين فرجاً». وأراد به النجاشي ، واسمه أصحمة وهو بالحبشية عطية.
فخرج إليها سرّاً أحد عشر رجلاً ، وأربع نسوة ... وذلك في رجب ، في السنة الخامس من مبعث رسول الله وهذه هي الهجرة الاولى.
ثم خرج جعفر بن أبي طالب ، وتتابع المسلمون إليها ، وكان جميع من هاجر إلى الحبشة