في الكافي : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام فحمد الله وأثنى عليه وقال : «أمّا بعد فإنّه إنّما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربّانيون والأحبار عن ذلك وإنّهم لمّا تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربّانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر».
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٦٤)
تبرز هذه الآية واحداً من المصاديق الواضحة للأقوال الباطلة التي كان اليهود يتفوّهون بها ، وقد تطرّقت الآية السابقة إليها ـ أيضاً ـ ولكن على نحو كلي.
ويتحدّث لنا التّأريخ عن فترة من الوقت كان اليهود فيها قد وصلوا إلى ذروة السلطة والقدرة ، وكانوا يمارسون الحكم على قسم مهم من المعمورة ، ويمكن الإستشهاد بحكم سليمان وداود كمثال على حكم الدولة اليهودية ، وقد استمر حكم اليهود بعدهما بين رقيّ وانحطاط حتى ظهر الإسلام ، فكان ايذاناً بأفول الدولة اليهودية ، وبالأخص في الحجاز ، إذ أدّى قتال النبي صلىاللهعليهوآله ليهود بني النضير وبني قريظة ويهود خيبر إلى إضعاف سلطتهم بصورة نهائية.
وفي ذلك الوضع كان البعض من اليهود حين يتذكّرون سلطتهم القوية السابقة ، كانوا يقولون ـ استهزاء وسخرية ـ إنّ يد الله أصبحت مقيدة بالسلاسل (والعياذ بالله) وأنّه لم يعد يعطف على اليهود!
وبما أنّ سائر أبناء الطائفة اليهودية أظهروا الرضى عن أقوال كبار قومهم هؤلاء ، لذلك جاء القرآن لينسب هذه الأقوال إلى جميعهم ، كما تقول الآية : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةً).
والله تعالى يرد على هؤلاء توبيخاً وذمّاً لهم ولمعتقدهم هذا بقوله : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا). ثم لكي يبطل هذه العقيدة الفاسدة يقول سبحانه وتعالى (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ