كفر بغفلته هذه ، ومن جانب آخر إرتكب الظلم والجور ـ بابتعاده عن حكم الله ـ على إنسان برىء مظلوم ، وثالثاً : يكون قد خرج عن حدود واجباته ومسؤوليته ، فيصبح بذلك من الفاسقين.
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٤٨)
تشير هذه الآية إلى موقع القرآن بعد أن ذكرت الآيات السابقة الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء السابقين.
«مهيمن» : تطلق في الأصل على كل شيء يحفظ ويراقب أو يؤتمن على شيء آخر ويصونه ، ولمّا كان القرآن الكريم يشرف في الحفاظ على الكتب السماوية السابقة وصيانتها من التحريف إشرافاً كاملاً ويكمل تلك الكتب ، لذلك أطلق عليه لفظ «المهيمن» حيث تقول الآية : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ).
فالقرآن بالإضافة إلى تصديقه الكتب السماوية السابقة ، اشتمل ـ أيضاً ـ على دلائل تتطابق مع ما ورد في تلك الكتب ، فكان بذلك حافظاً وصائناً لها.
ثم تؤكد على النبي صلىاللهعليهوآله ـ انطلاقاً من الحقيقة المذكورة ـ ضرورة الحكم بتعاليم وقوانين القرآن بين الناس ، حيث تقول : (فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ).
ثم تؤكد عليه أن يبتعد عن أهواء وميول أهل الكتاب ، الذين يريدون أن يطوّعوا الأحكام الإلهية لميولهم ورغباتهم ، وأن ينفّذ ما نزل عليه بالحق ، حيث تقول الآية : (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ).
ولأجل اكمال البحث تشير الآية إلى أنّ كل ملّة قد أفردت لها شرعة ونظام للحياة يهديها إلى السبيل الواضح ، حيث تقول : (لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).
وكلمة «شرع» أو «الشريعة» : تعني الطريق الذي يؤدّي إلى الماء وينتهي به ، واطلاق