(كُتِبَ عَلَيْكُمُ) قتال النفس والشيطان وهو مكروه لكم أمرّ من طعم العلقم ، وأشدّ من ضغم الضيغم (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لاحتجابكم بهوى النفس وحب اللذّة العاجلة عما في ضمنه من الخير الكثير ، واللذّة العظيمة الروحانية التي تستحقر تلك الشدّة السريعة ، الانقضاء بالقياس إلى ذلك الخير الباقي ، واللذّة السرمدية وكذا عكسه (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما في الأمور من الخير والشرّ (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك لاحتجابكم بالعاجل عن الآجل ، وبالظاهر عن الباطن.
[٢١٧] (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧))
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) يسألونك عن جهاد النفس وأعوانها ، والشيطان وجنوده في وقت التوجه والسلوك إلى الحق وجمعية الباطن الحرام فيه حركة السرّ (قُلْ) الجهاد في ذلك الوقت أمر عظيم شاق ، وصرف وجوهكم عن سبيل الله ، ومقام السر ، ومحل الحضور احتجاب عن الحق ، وإخراج أهل القلب الذين هم القوى الروحانية عن مقارّهم أعظم وأكبر عند الله ، وفتنة الشرك والكفر وبلاؤهما عليكم أشدّ من قتلكم إياهم بسيف الرياضة.
ولا تزال تلك القوى النفسانية والأهواء الشيطانية يقاتلونكم بذبكم عن دينكم ومقصدكم ، ودعوتكم إلى دين الهوى والشيطان (حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) باتباعهم (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) التي عملوها في الاستسلام والانقياد (وَأُولئِكَ أَصْحابُ) نار الحجاب والتعذيب (هُمْ فِيها خالِدُونَ).
[٢١٨] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يقينا (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) أوطان النفس ومألوفات الهوى (وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) وجنود الشيطان والنفس الأمّارة (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) تجليات الصفات وأنوار المشاهدة.
[٢١٩ ـ ٢٤٢] (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ