الوقاتون»، ولعمري
ما يعلمها عند وقوعها أيضا إلا الله كما هي قبل وقوعها. (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إذ لا يسع أهلها علمها.
[١٩٤] (إِنَّ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا
لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤))
(إِنَّ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) كائنين من كانوا ، ناسا كانوا أو غيرهم (عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) في العجز وعدم التأثير (فَادْعُوهُمْ) إلى أمر لا ييسره الله لكم (فَلْيَسْتَجِيبُوا
لَكُمْ) إلى تيسيره (إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) في نسبة التأثير إلى الغير ، كماقال النبيّ عليه الصلاة
والسلام لابن عباس : «يا غلام ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك. وإذا
سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعوا على أن
ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء
لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
[١٩٥ ـ ١٩٨] (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ
يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ
يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ
ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ
تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ
لا يُبْصِرُونَ (١٩٨))
(أَلَهُمْ أَرْجُلٌ
يَمْشُونَ بِها) استفهام على سبيل الإنكار ، أي : ألهم أرجل ولكن لا يمشون
بها بل بالله ، إذ هو الذي يمشيهم بها وكذا سائر الجوارح (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) من الجنّ والأنس (ثُمَّ كِيدُونِ) إن استطعتم فإنّ متولي أمري وحافظي ومدبري هو (اللهُ الَّذِي) يعلمني بتنزيل الكتاب (وَهُوَ يَتَوَلَّى) كل صالح ، أي : كل من قام به في حال الاستقامة.
وكلما ورد الصالح
في وصف نبيّ من الأنبياء أريد به الباقي بالحق بالاستقامة والتمكين بعد الفناء في
عين الجمع القائم بإصلاح النوع بإذن الحق (وَتَراهُمْ
يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) أي : إن تدع المطبوع على قلوبهم من المشركين وغيرهم إلى
الهدى لا يسمعوا ولا يطيعوا وتراهم مع صحة البصر والنظر لا يبصرون الحق ولا حقيقتك
لأنهم عمي القلوب في الحقيقة.
[١٩٩] (خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩))
(خُذِ الْعَفْوَ) أي : السهل الذي يتيسر لهم ولا تكلفهم ما لا يتيسر لهم (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أي : بالوجه الجميل (وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجاهِلِينَ) بعدم مكافأة جهلهم. وعن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه :
«أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم