يعنى أعظم من الزهرة والقمر (فَلَمَّا أَفَلَتْ) يعنى غابت عرف أن الذي خلق هذه الأشياء دائم باق. ورفع الصخرة ، ثم خرج فرأى قومه يعبدون الأصنام ، فقال لهم : ما تعبدون؟ قالوا : نعبد ما ترى (قالَ : يا قَوْمِ) عبادة رب واحد خير من عبادة أرباب كثيرة و (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) ـ ٧٨ ـ بالله من الآلهة قالوا فمن تعبد يإبراهيم؟ قال : أعبد الله الذي خلق السموات والأرض حنيفا يعنى مخلصا لعبادته وما أنا من المشركين. وذلك قوله : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) «يعنى ديني (لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) يعنى مخلصا (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ـ ٧٩ ـ» (١).
ثم إن نمروذ بن كنعان الجبار خاصم إبراهيم ، فقال : من ربك؟ قال إبراهيم : ربى الذي يحيى ويميت ، وهو قوله (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) فعمد نمروذ إلى إنسان فقتله وجاء بآخر فتركه ، فقال : أنا أحييت هذا وأمت ذلك ، قال إبراهيم : فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. فبهت الذي كفر (٢) يعنى نمروذ قوله (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) وذلك أنهم لما سمعوا إبراهيم ـ عليهالسلام ـ عاب آلهتهم وبرىء منها ، قالوا لإبراهيم : إن لم تؤمن بآلهتنا فإنا نخاف أن تخبلك وتفسدك فتهلك. فذلك قوله (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) يعنى وخاصمه قومه (قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) لدينه (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) يعنى بالله من الآلهة وهي لا تسمع ولا تبصر شيئا ولا تنفع ولا تضر وتنحتونها بأيديكم (إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) فيضلنى عن
__________________
(١) ما بين القوسين «...» زيادة من ل وليست فى أ.
(٢) فى أ : قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس ... إلى قوله فبهت الذي كفر ، وهي الآية ٢٥٨ من سورة البقرة وتمامها :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).