عزوجل ـ أنزل فى أموال اليتامى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١) فلما نزلت هذه الآية أشفق المسلمون من خلطة (٢) اليتامى فعزلوا بيت اليتيم وطعامه وخدامه على حدة مخافة العذر فشق ذلك على المسلمين ، وعلى اليتامى اعتزالهم. فقال ثابت بن رفاعة للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم : قد سمعنا ما أنزل الله ـ عزوجل ـ فى اليتامى فعزلناهم ، والذي لهم ، وعزلنا الذي لنا فشق ذلك علينا وعليهم ، وليس كلنا يجد سعة فى عزل (٣) اليتيم وطعامه وخادمه ، فهل يصلح لنا خلطتهم فيكون البيت والطعام واحد والخدمة وركوب الدابة ، ولا نرزأهم شيئا إلا أن نعود عليهم بأفضل منه فأنزل الله ـ عزوجل ـ [٣٦ ب] فى قول ثابت بن رفاعة الأنصارى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) (٤) (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) يقول ما كان لليتيم فيه صلاح ، فهو خير أن تفعلوه. ثم قال ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) فى المسكن والطعام والخدمة وركوب الدابة (٥) (فَإِخْوانُكُمْ) فهم إخوانكم (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ) لمال اليتيم (مِنَ الْمُصْلِحِ) لماله (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) يقول لآثمكم فى دينكم نظيرها (٦) فى براءة قوله ـ سبحانه ـ (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) (٧) يقول ما أثمتم ، فحرم عليكم خلطتهم فى الذي لهم ، كتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير. فلم تنتفعوا بشيء منه (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) فى ملكه
__________________
(١) سورة النساء : ١٠ ، وفى أ : الذين يأكلون.
(٢) خلطة أى مخالطة.
(٣) فى أ : قبل. وفى حاشية أ : عزل محمد. «ومحمد هو محمد بن أحمد بن عمر السنبلاوينى ناسخ المخطوطة». والمثبت من ل.
(٤) هذا السبب أورده الواحدي فى أسباب النزول : ٣٨. والسيوطي : ٣٤.
(٥) فى أ : دابه ، ل : الدابة.
(٦) فى أ : نظيرها ، ل : نظيرها.
(٧) سورة التوبة : ١٢٨ وتمامها (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).