ركعات ، فلما هاجر إلى المدينة لليلتين خلتا من ربيع الأول أمر أن يصلى نحو بيت المقدس لئلا يكذب به أهل الكتاب إذا صلى «إلى غير) قبلتهم (١) مع ما يجدون من نعته فى التوراة فصلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه قبل بيت المقدس من أول مقدمه المدينة سبعة عشر شهرا وصلت الأنصار قبل بيت المقدس سنتين قبل هجرة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكانت الكعبة أحب القبلتين إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم. فقال لجبريل ـ عليهالسلام ـ وددت أن ربى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها. فقال جبريل ـ عليهالسلام ـ إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا ، فأسأل ربك ذلك ، وصعد جبريل إلى السماء ، وجعل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل ـ عليهالسلام ـ بما سأل. فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى رجب عند صلاة الأولى قبل قتال بدر بشهرين (ـ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (٢) ـ ولما صرفت القبلة إلى الكعبة قال مشركو مكة : قد تردد على أمره واشتاق إلى مولد آبائه. وقد توجه إليكم وهو راجع إلى دينكم ، فكان قولهم هذا سفها منهم فأنزل الله ـ عزوجل ـ (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) يعنى مشركي مكة (ما وَلَّاهُمْ) يقول ما صرفهم (عَنْ قِبْلَتِهِمُ) الأولى (الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ) يا محمد (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ ١٤٢ ـ يعنى دين الإسلام يهدى الله نبيه والمؤمنين لدينه (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) وذلك أن اليهود منهم مرحب ، ورافع ، وربيعة ، قالوا لمعاذ :
__________________
(١) فى أل : إذا صلى إلى قبلتهم.
(٢) ما بين العلامتين (ـ ـ) شطر من آية رقم ١٤٤. وقد فسرت فى الأصل قبل آية رقم ١٤٢ ، ١٤٣ وقد راعيت فى التحقيق ترتيب الآيات كما وردت فى المصحف ، وأخرت تفسير آية ٤٤١ إلى مكانه.