منقلبي ومثواي ، ولم تشمت بي أعدائي ، ورميت من رماني ، وكفيتني مؤونة من عاداني ، فحمدي لك واصل ، وثنائي عليك دائم ، من الدّهر إلى الدّهر ، بألوان التّسبيح ، خالصا لذكرك ، ومرضيّا لك بيانع التّوحيد ، وإمحاض التّمجيد ، بطول التّعديد ، ومزيّة أهل المزيد ، لم تعن في قدرتك ، ولم تشارك في إلهيّتك ، ولم تعلّم لك ماهيّة فتكون للأشياء المختلفة مجانسا ، ولم تعاين إذا حبست الأشياء على الغرائز ، ولا خرقت الأوهام حجب الغيوب فتعتقد فيك محدودا في عظمتك ، فلا يبلغك بعد الهمم ، ولا ينالك غوص الفكر ، ولا ينتهي إليك نظر ناظر في مجد جبروتك.
ارتفعت عن صفة المخلوقين صفات قدرتك ، وعلا عن ذلك كبرياء عظمتك ، لا ينقص ما أردت أن يزداد ، ولا يزداد ما أردت أن ينقص ، ولا أحد حضرك حين برأت النّفوس.
كلّت الأوهام عن تفسير صفتك ، وانحسرت العقول عن كنه عظمتك. وكيف توصف وأنت الجبّار القدّوس ، الّذي لم تزل أزليّا دائما في الغيوب ، وحدك ليس فيها غيرك ، ولم يكن لها سواك.
حار في ملكوتك عميقات مذاهب التّفكير ، فتواضعت الملوك لهيبتك ، وعنت الوجوه بذلّ الاستكانة لك ، وانقاد كلّ شيء لعظمتك ، واستسلم كلّ شيء لقدرتك ، وخضعت لك الرّقاب ، وضلّ هنالك التّدبير في تصاريف الصّفات ، فمن تفكّر في ذلك رجع طرفه إليه حسيرا ، وعقله مبهورا ، وفكره متحيّرا.
حكت هذه الفصول من دعائه الشريف مدى التجاء الإمام عليهالسلام إلى الله تعالى