ذكروا أنّ مجاهدا قال : هو أبو جهل وأصحابه يوم بدر.
ذكر بعضهم قال : كان الذين قاتلوا نبيّ الله يوم بدر خرجوا ولهم بغي وفخر.
وقد قيل لهم يومئذ : ارجعوا فقد انطلقت عيركم ، وقد ظفرتم. فقالوا : لا والله حتّى يبلغ أهل الحجاز مسيرنا وعددنا.
وأمّا قوله : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ) أي إنّه ليس أحد من الناس يغلبكم اليوم في تفسير الحسن. (وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) أي معكم. وقوله : (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) أي رجع على عقبيه هاربا. وقوله : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ) أي : إنّه رأى جبريل يزع الملائكة. وقال الحسن : رأى الملائكة تضرب وجوه المشركين. وقال بعضهم : ذكر لنا أنّ الشيطان رأى جبريل تنزل معه الملائكة.
قوله : (إِنِّي أَخافُ اللهَ) قال بعضهم : كذب ، ولكن علم أن لا طاقة لهم بهم.
قال الكلبيّ : أمّا قوله : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) فصدق ، وأمّا قوله : (إِنِّي أَخافُ اللهَ) فكذب.
قوله : (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : وهم المنافقون أيضا. والمرض في تفسير الحسن الشكّ (١). وفي تفسير العامّة : المرض النفاق ، وهو واحد ، إلّا أنّه كلام مثنى (٢). (غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) : قال الكلبيّ : بلغنا أنّ المشركين لمّا نفروا من مكّة إلى بدر لم يخلّفوا بعدهم أحدا قد احتلم ، فنفر معهم أناس كانوا أجابوا إلى الإسلام وتكلّموا به.
__________________
(١) كذا في ق وع : «الشكّ» ، وفي ج ود : «الشرك» ، وما أثبتّه هو الصحيح إن شاء الله.
(٢) أي كلام مكرّر ، أو مترادف ، وسياق الكلام وروح اللغة العربيّة تأبى ما ذهب إليه المؤلّف هنا. فليس المنافقون والذين في قلوبهم مرض صنفا واحدا. وقد نسب إلى ابن عبّاس القول بأنّ المنافقين هم قوم من أهل المدينة من الأوس والخزرج. أمّا الذين في قلوبهم مرض فهم الذين تكلّموا بالإسلام في مكّة وأخرجهم المشركون معهم إلى بدر. وانظر مختلف مذاهب العلماء في هذين النوعين في زاد المسير لابن الجوزي ، ج ٣ ص ٣٦٧ ـ ٣٦٨.