فلمّا رأوا قلّة المؤمنين ارتابوا ونافقوا وقاتلوا مع المشركين ، وقالوا : غرّ هؤلاء دينهم ، يعنون المؤمنين. قال الله : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٤٩) : أي عزيز في نقمته ، حكيم في أمره.
قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) : يعني في يوم بدر ضربت الملائكة وجوه المشركين وأدبارهم (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٥٠) : أي في الآخرة. (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٥١).
قوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) : قال الحسن : كفعل آل فرعون وجحودهم ؛ يقول : فعل المشركون كما فعل آل فرعون. (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي الكفّار (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) : أي فعذّبهم الله (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٥٢).
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) : أي إذا جحدوا الرسول وكذّبوه أهلكهم الله. (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٥٣).
قوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) : وفرعون معهم. أي غيّر هؤلاء كما غيّر آل فرعون والذين من قبلهم فأهلكهم الله. كقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (٢٨) [إبراهيم : ٢٨] وهم المشركون من أهل بدر. والبوار الهلاك. قال : (وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) (٥٤) لأنفسهم.
قوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٥٥) : أي الذين يموتون على كفرهم. وقوله : (شَرَّ الدَّوَابِ) أي : شرّ الخلق. كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦) [البيّنة : ٦] والبريئة خلق الله.