فانطلق هو وفتاه ، وهو يوشع بن نون. وحملا معهما مكتلا فيه حوت حوت مملوح. قال : فسايرا البحر زمانا ، ثمّ أويا إلى صخرة على ساحل البحر الذي عند مجمع البحرين ؛ عندها عين ماء ، فباتا بها. وأكلا نصف الحوت ، وبقي نصفه. فانسرب الحوت في العين. وقال بعضهم : أدنى فتاه المكتل من العين فأصابه الماء فعاش الحوت فدخل في البحر. [وذلك قوله : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (٦١)] (١).
وارتحل موسى وفتاه فسايرا البحر حتّى أصبحا. (فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) (٦٢) : أي شدّة ، يعني نصب السفر.
(قالَ) : فتاه : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) : وفي بعض القراءات (أن أدركه).
وقال بعضهم : إنّ موسى لمّا قطع البحر ، وأنجاه الله من آل فرعون جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال : أنتم اليوم خير أهل الأرض وأعلمهم. قد أهلك الله عدوّكم ، وأقطعكم البحر ، وأنزل عليكم التوراة. قال : فقيل له : إنّ ههنا رجلا هو أعلم منك. فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه. وتزوّدا بحوت مملوح في مكتل لهما. وقيل لهما : إذا نسيتما بعض ما معكما لقيتما رجلا عالما يقال له : خضر. فلمّا أتيا ذلك المكان ردّ الله إلى الحوت روحه فسرب لهما من المكتل (٢) حتّى أفضى إلى البحر ، ثمّ سلك فيه. فجعل لا يسلك فيه طريقا إلّا صار الماء جامدا.
ومضى موسى وفتاه. (فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ) يعني إذ انتهينا إلى الصخرة (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ). وفي مصحف عبد الله بن مسعود : (أن أدركه). فرجعا
__________________
(١) زيادة لا بد منها لم ترد في المخطوطات.
(٢) كذا في المخطوطات الأربع : «فسرب لهما من المكتل». وفي سع ورقة ١٩ و : «فسرب له من الجدّ». وفي اللسان : «الجدّ بالضمّ شاطئ النهر ، والجدّة أيضا ، وبه سمّيت المدينة التي عند مكّة جدّة».