عودهما على بدئهما (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً). فلقيا الخضر.
وذكر لنا أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّما سمّي الخضر خضرا لأنّه جلس على قردد (١) بيضاء فاهتزّت به خضراء (٢).
قال : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (٦٣) : أي موسى اتّخذ سبيل الحوت في البحر عجبا (٣). وهو تفسير مجاهد.
(قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) : أي قال : قيل لي : إذا فقدت الحوت فحينئذ تلقى الخضر.
قال : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٦٤) : أي : عودهما على بدئهما راجعين حتّى أتيا الصخرة. فاتّبعا أثر الحوت في البحر. وكان الحوت حيث مرّ ببدنه ييبس ، فصار كهيئة الطريق في البحر. فاتّبعا آثاره حتّى خرجا إلى جزيرة ، فإذا هما بالخضر في روضة يصلّي. فأتياه من خلفه ، فسلّم عليه موسى. فأنكر الخضر السّلام (٤) في ذلك الموضع. فرفع رأسه فإذا بموسى ، فعرفه ، فقال : وعليك السّلام يا نبيّ بني إسرائيل. فقال موسى : وما يدريك أنّي
__________________
(١) وردت الكلمة هكذا : «قردد» في المخطوطات الأربع وفي سع ورقة ١٩ و ، وهي المكان الغليظ المرتفع من الأرض كما شرحه صاحب اللسان (قرد). وجاءت الكلمة في صحيح البخاريّ ، وفي تفسير الطبريّ ج ١٥ ص ٢٨٢ ، وفي تفسير ابن كثير ، ج ٤ ص ٤١٧ هكذا : «فررة بيضاء». وقال ابن كثير : «والمراد بالفروة ههنا الحشيش اليابس ، وهو الهشيم من النبات ، قاله عبد الرزّاق. وقيل : المراد بذلك وجه الأرض». فلفظ القردد إذا يؤيّد هذا المعنى. ففي اللسان : «القردد كالقردودة وهي المتن المشرف على الأرض ... لا ينبت إلّا قليلا». وهو ما دلّ عليه لفظ «بيضاء» ، أي : لا تنبت ، فلمّا قعد عليها الخضر اهتزت به خضراء.
(٢) حديث صحيح أخرجه أحمد في مسنده وأخرجه البخاريّ في كتاب بدء الخلق ، في حديث الخضر مع موسى عليهماالسلام ، ولفظه : «إنّما سمّي الخضر لأنّه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتزّ من خلفه خضراء».
(٣) كذا في المخطوطات ، وفي سع : «موسى يعجب من أثر الحوت في البحر». وهذا على قراءة من جعل الكلام يتمّ عند قوله (عجبا) ، وجعل هذه الكلمة الأخيرة مفعولا ثانيا ل (اتّخذ). ومن المفسّرين من جعل تمام الكلام عند قوله : (في البحر) ، وما بعده استئنافا ، فتكون كلمة (عجبا) حكاية لقول يوشع. والوقف في قراءة ورش يدلّ على هذا التأويل الأخير. انظر تفصيل ذلك في تفسير القرطبيّ ، ج ١١ ص ١٤.
(٤) كذا في المخطوطات الأربع : «السّلام». وفي ز ورقة ١٩٧ ، وفي سع ورقة ١٩ ظ : «أنكر الخضر التسليم».