قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) : أي من شركهم (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) : أي ما عذّب الله به الأمم السالفة (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) (٥٥) : أي عيانا. وقال مجاهد : فجأة.
قوله : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ) : أي بالجنّة (وَمُنْذِرِينَ) : أي من النار. ويبشّرونهم أيضا بالرزق في الدنيا قبل دخول الجنّة إن آمنوا. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع (١). وينذرونهم العذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة إن لم يؤمنوا.
قوله : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا) : أي ليذهبوا (بِهِ الْحَقَ) فيما يظنّون ؛ ولا يقدرون على ذلك. قال : (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦).
قال : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) : يقوله على الاستفهام. وهذا استفهام على معرفة (فَأَعْرَضَ عَنْها) : أي لم يؤمن بها. (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) : أي ما سلف منه. قال الحسن : عمله السوء. أي : لا أحد أظلم منه.
قوله : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) : أي غلفا (أَنْ يَفْقَهُوهُ) : أي لئلّا يفقهوه. (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : وهو الصمم عن الهدى. (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (٥٧) : يعني الذين يموتون على كفرهم.
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) : أي لمن آمن. ولا يغفر أن يشرك به (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا) : أي بما عملوا (لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (٥٨) : قال الحسن : ملجأ (٢).
__________________
ـ أجمع حتّى أصبح (رقم ٧٧٥) : «ألا تصلّون؟ فقلت : يا رسول الله : إنّما أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قلت له ذلك. ثمّ سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول : (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)».
(١) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٤٨ من سورة الأنعام.
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٤٨ : «(الموئل) المنجي ، وهو الملجأ في المعنى واحد. والعرب تقول : إنّه ـ