قوله : (لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : أي حفاة عراة غرلا (بَلْ زَعَمْتُمْ) : يقول للمشركين (أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) (٤٨) : يعني أن لن تبعثوا. وبلغنا عن الحسن أنّ عائشة قالت : يا رسول الله ، أما يحتشم الناس يومئذ بعضهم من بعض؟ قال : هم أشغل من أن ينظر بعضهم إلى بعض (١) أي : إلى عورة بعض.
قال : (وَوُضِعَ الْكِتابُ) : أي ما كانت تكتب عليهم الملائكة في الدنيا من أعمالهم. (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) : أي المشركين والمنافقين (مُشْفِقِينَ) : أي خائفين (مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) : أي في كتبهم (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤٩).
قوله : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ).
قال الحسن : هو أوّل الجنّ كما أنّ آدم من الإنس وهو أوّل الإنس.
وقال بعضهم : كان من الجنّ ، وهم قبيل من الملائكة يقال لهم الجنّ. وكان ابن عبّاس يقول : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود ، وكان على خزانة السماء الدنيا في قول بعضهم ؛ قال : جنّ عن طاعة ربّه. وكان الحسن يقول : ألجأه (٢) الله إلى نسبه.
قال : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) : أي عصى أمر ربّه ، أي : عن السجود لآدم ، في تفسير مجاهد. (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ) : يعني الشياطين الذين دعوهم إلى الشرك. (أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (٥٠) : أي ما استبدلوا بعبادة ربّهم إذ أطاعوا إبليس. فبئس ذلك بدلا لهم.
__________________
(١). أخرجه ابن أبي حاتم ، وصحّحه الحاكم عن عائشة قالت : واسوأتاه! إنّ الرجال والنساء سيحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟ وفي رواية : واسوأتاه لك يا ابنة أبي بكر! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس : ٢٧]. لا ينظر الرجال إلى النساء ، ولا النساء إلى الرجال ، شغل بعضهم عن بعض».
(٢) كذا في ق وع : «ألجأه الله إلى نسبه» ، وهو موافق لما جاء في تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٦٠. وفي سع ورقة ١٨ ظ : «أنجاه الله» ، وفي ج «أنجاه الله» ، وكأنّ في العبارة تصحيفا ، ولم أهتد لمعنى مناسب أطمئنّ إليه.