قال : (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي كذلك كذّب الذين من قبل مشركي العرب ، فأهلكناهم بالعذاب. قال : (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣٣) : أي يضرّون ، وقال الحسن : ينقصون.
قوله : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) : أي ثواب ما عملوا (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٤) : أي بايات الله والرسل.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) : أي ما حرّموا على أنفسهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام والزرع. وهو قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا ...) إلى آخر الآية [الأنعام : ١٣٦]. وقالوا : لو كره الذي نحن عليه لحوّلنا عنه. فقال الله جوابا لقولهم : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) أي : عذابنا. وقد ذكر عنهم في سورة الأنعام قبل هذا القول فقال : (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) أي : هل عندكم من حجّة أنّه لا يكره ما أنتم عليه (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) [الأنعام : ١٤٨]. وقال في هذه الآية : (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٣٥) : أي : ليس على الرسل إلّا أن تبلّغ أممها ما أرسلها به ربّها إليهم ، ليس عليهم أكثر من ذلك.
قوله : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً) : يعني ممّن أهلك بالعذاب (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) : والطاغوت الشيطان ، هو دعاهم إلى عبادة الأوثان ، وهو مثل قوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) [النساء : ١١٧]. قال : (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) : كقوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (١٠٥) [هود : ١٠٥]. والذين حقّت عليهم الضلالة والذين شقوا إنّما ضلّوا وشقوا بأعمالهم. قال : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (٣٦) : أي الرسل. كان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثمّ صيّرهم إلى النار.