وقال الحسن : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) : تكون لهم حسنتهم في الآخرة الجنّة. قال : (ولدار الاخرة خير) أي : الجنّة خير من الدنيا. (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٣٠).
قوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. وعدن أشرف الجنان ، نسبت الجنان كلّها إليها.
قال : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) (٣١) (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) : [أي : تقبض أرواحهم] (١) (طَيِّبِينَ) : قال مجاهد : طيّبين أحياء وأمواتا أينما كانوا بالعمل الصالح (يَقُولُونَ) : لهم (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٢).
ذكروا أنّ الملائكة تأتي وليّ الله عند الموت فيقولون : السّلام عليك يا وليّ الله ، الله يقرئك السّلام ؛ وتبشّره الملائكة بالجنّة. ذكروا أنّ الله يقول لهم : ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الدرجة في الجنّة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض. وإنّ العبد ليرفع بصره فيلمع له برق يكاد يخطف البصر ، فيقول : ما هذا؟ فيقال له : هذا نور أخيك فلان. فيقول أخي فلان! كنّا نعمل في الدنيا جميعا ، وقد فضل عليّ هكذا؟ فيقال : إنّه كان أحسن منك عملا. قال : ثمّ يجعل في قلبه الرضا حتّى يرضى (٢).
قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ) : أي ما ينظرون (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) : أي بالموت (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) : أي : القيامة في تفسير بعضهم. وقال الحسن : هل ينتظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة ، أي : بعذابهم ، يعني مشركي العرب ، أو يأتي أمر ربّك ، يعني النفخة الأولى التي يهلك بها آخر كفّار هذه الأمّة الدائنين بدين أبي جهل وأصحابه قبل عذاب الآخرة.
__________________
وأخرجه أيضا أحمد في مسنده عن أنس.
(١) زيادة من ز ورقة ١٧٣.
(٢) انظر تخريجه فيما سلف ، في الجزء الأوّل ، تفسير الآية ١٦٣ من سورة آل عمران.