الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : وهم المؤمنون (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ) : أي الهوان (وَالسُّوءَ) : أي العذاب (عَلَى الْكافِرِينَ) (٢٧) : وهذا الكلام يوم القيامة.
قوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) : قال بعضهم : توفّتهم عند الموت. وقال الحسن : هي وفاة إلى النار ، أي : حشر إلى النار.
(فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) : قال بعضهم : استسلموا. وقال الحسن : أعطوا السلم ، أي : أسلموا فلم يقبل منهم ؛ وقال : إنّ في القيامة مواطن ، فمنها موطن يقرّون فيه بأعمالهم الخبيثة ، وهو كقوله : (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) (١٣٠) [الأنعام : ١٣٠] أي : في الدنيا. وموطن يجحدون فيه فقالوا : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) : فقيل لهم : (بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨) : أي في الدنيا إذ أنتم مشركون. وموطن آخر (قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) فقال الله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) [الأنعام : ٢٣ ـ ٢٤] (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤) أي : من عبادتهم الأوثان ، فلم تغن عنهم شيئا ، وموطن آخر ، وهو آخرها ، أن يختم على أفواههم وتتكلّم أيديهم (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥) [سورة يس : ٦٥].
قوله : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٢٩) : أي عن عبادة الله عزوجل.
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) : أي أنزل خيرا. ثمّ انقطع الكلام. ثمّ قال : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) : أي آمنوا (فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ). ذكروا أنّ رسول الله قال : إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة ؛ يثاب عليها بالرزق في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة (١).
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة ، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا. عن أنس بن مالك (رقم ٢٨٠٨) وزاد في آخره : «وأمّا الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا ، حتّى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها».