وهو واحد. (كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : يعني الذين قالوا : أساطير الأوّلين (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٢٥) : أي بئس ما يحملون. أي : يحملون اثام أنفسهم ومثل آثام الذين دعوهم إلى الضلالة فاتّبعوهم عليها. وهو كقوله (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت : ١٣] أي : يحملون آثامهم ومثل آثام الذين دعوهم إلى الضلالة فاتّبعوهم عليها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزار الذين اتّبعوهم شيء. هذا في القادة والأتباع.
ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيّما داع دعا إلى هدى فاتّبع عليه كان له مثل أجر من اتّبعه من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا. وأيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع عليها كان عليه مثل وزر من عمل بها ، ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا (١).
قوله : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) : يعني الذين أهلك بالرجفة من الأمم السالفة ، رجفت بهم الأرض. (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) : أي : سقطت سقوف بيوتهم ومنازلهم عليهم. (وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٢٦) : أي أتاها أمر الله من أصلها ، فخرّ عليهم السقف من فوقهم. والسقف أعلى البيوت ، فانتقضت (٢) بيوتهم بهم.
قال مجاهد : يعني [مكر] نمروذ [بن كنعان ، وهو الذي حاجّ إبراهيم في ربّه] (٣).
قال : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) : أي في النار بعد عذاب الدنيا (وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) : أي الذين زعمتم أنّهم شركائي (الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) : أي تفارقون فيهم ، يعني المحاربة والعداوة ، أي : عادوا الله في الأوثان يعبدونها من دونه. (قالَ
__________________
(١) رواه ابن ماجه في المقدّمة ، باب من سنّ سنّة حسنة أو سيّئة ، عن أنس بن مالك (رقم ٢٠٥) وعن أبي هريرة (رقم ٢٠٦) وانظر ما سلف في الجزء الأوّل ، تفسير الآية ٣٢ من سورة المائدة.
(٢) في مخطوطة ق : «فانتصبت» ، وفي ج ود : «ما نتصبت» (كذا) غير مضبوطة. وأثبتّ ما بدا لي قريبا من الكلمة المصحّفة. وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٤ ص ٩٨ : «فأتفكت بهم بيوتهم» والقول لقتادة.
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٣٤٦.