يُعْلِنُونَ) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣).
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) : أي إذا قال المؤمنون للمشركين : ماذا أنزل ربّكم (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤). وإنّما ارتفعت لأنّهم قالوا : إنّه أساطير الأوّلين ، وهذه حكاية (١) ، أي : كذب الأوّلين وباطلهم. فليس يقرّون أنّ الله أنزل كتابا ، ويقولون : إنّ النبيّ افتراه من عنده. وإنّما قال ذلك ناس من المشركين ، مشركي العرب ، كانوا يرصدون بطريق مكّة من أتى النبيّ ؛ فإذا مرّ بهم من المؤمنين من يريد النبيّ قالوا : إنّما هو أساطير الأوّلين.
وفي تفسير الكلبيّ : إنّ المقتسمين الذين تفرّقوا على عقاب مكّة أربعة نفر على كلّ طريق ؛ أمرهم بذلك الوليد بن المغيرة ، فقال : إنّ الناس سائلوكم عن محمّد غدا بعد الموسم ؛ فمن سألكم عنه فليقل بعضكم : إنّه ساحر ، وليقل الآخر : كاهن ، وليقل الآخر : شاعر ، وليقل الآخر : مجنون يهذي من أمّ رأسه ؛ فإن رجعوا ورضوا بقولكم فذاك ، وإلّا لقوني عند البيت. فإذا سألوني صدّقتكم كلّكم.
فسمع ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشقّ عليه ، فبعث مع كلّ الأربعة أربعة من أصحابه وقال لهم : إذا سألوا عنّي فكذبوا عنّي فحدّثوا الناس بما أقول. فكان إذا سئل المشركون : ما صاحبكم ، فقالوا : ساحر قال الأربعة الذين هم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : انطلقوا حتّى تسمعوه ، بل هو رسول الله حقّا ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويأمر بصلة ذي القربى ، وبأن يقرى الضيف ، وبأن يعبد الله ، في كلام حسن جميل ؛ فيقول الناس للمسلمين : والله لما تقولون أنتم أحسن ممّا يقول هؤلاء ، والله لا نرجع حتّى نلقاه ، فهو قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
قال : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) : أي آثامهم في تفسير الحسن. وقال بعضهم : ذنوبهم ،
__________________
ـ سورة هود.
(١) قلّما يتعرّض المؤلّف إلى مسائل الإعراب في تفسيره هذا ، وإذا فعل فبإيجاز.