(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) والله هو الخالق ، وهذه الأوثان التي تعبدون من دون الله تخلق ولا تخلق شيئا.
قوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ) : أي ما يسرّ المشركون من نجواهم في أمر النبيّ ، أي : ما يتشاورون في أمره ، مثل قوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : الذين أشركوا (هَلْ هذا) يعنون محمّدا (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٣) [الأنبياء : ٣] أي : إنّه سحر. يعنون القرآن. قال الله : (وَما تُعْلِنُونَ) (١٩) : أي من شركهم وجحودهم.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : يعني الأوثان (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٢٠) : أي يصنعون بأيديهم. قال إبراهيم : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦) [الصافّات : ٩٥ ـ ٩٦] أي : بأيديكم.
قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) : أي : الأوثان أموات لا أرواح فيها (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١).
قال بعضهم : تحشر الأوثان بأعيانها فتخاصم عابديها عند الله بأنّها لم تدعهم إلى عبادتها ، وإنّما كان دعاهم إلى عبادتها الشيطان. قال الله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) أي : أمواتا لا أرواح فيها (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) [النساء : ١١٧].
قوله : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) : أي : لا يصدّقون بالآخرة (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) : أي لهذا القرآن. وبعضهم يقول : منكرة لا إله إلّا الله (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢) : عن عبادة الله وعمّا جاء به رسول الله. وقال بعضهم : عن القرآن ، وهو واحد. ثمّ قال : (لا جَرَمَ) : وهي كلمة وعيد (١). (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما
__________________
(١) أصلها : لا بدّ ولا محالة ، ثمّ صار لها أحيانا معنى القسم. وقال المفسّرون : معناها : حقّا. انظر ما قاله الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٥٨ في أصل معنى لا جرم واستعمالها ومعناها الذي لها بعد ذلك. وانظر اللسان (جرم) فإنّ ابن منظور يفصّل مختلف معانيها واستعمالها. وانظر ما سلف في هذا الجزء ، تفسير الآية ٢٢ من ـ