قوله : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ :) قال بعضهم : أي يبسطها بين يدي المطر. وتفسير الحسن في قوله : (نشرا) أي : تلقح السحاب.
قال : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً :) قال بعضهم : الثقال : التي فيها الماء (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ :) أي إلى بلد ليس به نبات (فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ :) أي : بذلك البلد. قال الحسن : إنّ الله ينزل الماء من السماء فيسكنه السحاب ، ثمّ يصرفه حيث يشاء. (فَأَخْرَجْنا بِهِ :) أي أنبتنا بالماء (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ).
قال : (كَذلِكَ :) أي هكذا (نُخْرِجُ الْمَوْتى :) يعني البعث.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : يرسل الله مطرا منيّا كمنيّ الرجال ، فتنبت به لحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأرض الثرى. ثمّ تلا هذه الآية : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩) [فاطر : ٩] أي كذلك البعث. وقال مجاهد : (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي : بمطر السماء حتّى تنشقّ عنهم الأرض.
قوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٥٧) : قال الحسن : يقوله للمشركين. يقول : فالذي أنزل الماء فأخرج به هذا النبات من هذه الأرض الميّتة قادر على أن يحيي الموتى.
قوله : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً :) قال الحسن : هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر : إنّ عمل المؤمن مقبول ، وعمل الكافر ليس بمقبول ؛ مثل الأرض التي ليست بطيّبة والتي لا يخرج نباتها إلّا نكدا. وقال الكلبيّ : هذا مثل المؤمن والمنافق. أمّا البلد الطيّب فمثل المؤمن يعمل ما عمل من شيء ابتغاء وجه الله ، وأمّا الذي خبث فالمنافق لا يفعل شيئا ، ولا يعمله إلّا رياء وسمعة ، (إلّا نكدا) ليست له فيه حسبة (١). وقال مجاهد : كلّ هذا من الأرض ، الخبيث وغيره ، مثل آدم وذرّيّته ، كلّهم منه ؛ منهم طيّب وخبيث.
__________________
(١) كذا في ق وع : «ليست له فيه حسبة» ، وهو الصواب ، وفي ج ود : «ليست له فيه خشية».