ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) أي عن العمل بما أقرّوا به والاستكمال لما عاهدوا عليه ، وهم (مُعْرِضُونَ) (٤٨) [النور : ٤٧ و ٤٨] (١) أي عن استكمال الفرائض التي أقرّوا بها.
(قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ :) إذ نحن في الدنيا فآمنوا حيث لا ينفعهم الإيمان. (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) : أن لا نعذّب (أَوْ نُرَدُّ :) إلى الدنيا (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ :) سألوا الله أن يردّهم إلى الدنيا فيعملوا بالإيمان ويكملوا الفرائض.
قال الله : (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ :) فصاروا في النار (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٥٣) : أي أوثانهم التي عبدوها فلم تغن عنهم شيئا.
قوله : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ :) وفيها إضمار ، وإضمارها : الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما. وهذا موضع الإضمار. كقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [سورة ق : ٣٨].
قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ :) [أي أنّ الليل يأتي على النهار] ويغطّيه ويذهبه (يَطْلُبُهُ ، حَثِيثاً :) فيذهبه (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ :) من البركة ، وهو تفاعل (رَبُّ الْعالَمِينَ) (٥٤).
قوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً :) أي من الضراعة والخضوع (وَخُفْيَةً :) أي وسرّا (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٥٥).
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها :) قال بعضهم : يعني بعدما بعث النبيّ عليهالسلام واستجيب له (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً :) أي خوفا منه وطمعا في رحمته. (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦) : أي إنّها للمحسنين دون سواهم.
__________________
(١) ليست هذه آية متّصلة ، بل هما آيتان : هما قوله تعالى : (ويقولونءامنّا بالله وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتوليّا فريق مّنهم مّنم بعد ذالك وما أولئك بالمومنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ، إذا فريق مّنهم مّعرضون).