وقال بعضهم : (والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربّه) ، هذا مثل المؤمن ؛ سمع كتاب الله فأقرّ ، فانتفع به وعقله ، كمثل هذه الأرض الطيّبة ، أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت. (والذي خبث لا يخرج إلّا نكدا) أي إلّا عسرا (١). هذا مثل الكافر ؛ سمع كتاب الله فلم يعقله ولم ينتفع به ، كمثل هذه الأرض الخبيثة ، أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولم تمرع عنه.
قال : (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) : أي نبيّن الآيات. وقال بعضهم : أي نكرّر الآيات ونأتي بها من الوجوه التي فيها البيان والشرح. (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) (٥٨) : أي لقوم يؤمنون.
قوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٦٠) : أي في ضلال بيّن ، أي فيما تدعونا إليه. (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٢) : قال الحسن يقول : أعلم من الله أنّه مهلككم ومعذّبكم إن لم تؤمنوا.
قال : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ) : أي وحي (مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) : [أي على لسان رجل منكم] (٢) وذلك أنّهم عجبوا من ذلك (لِيُنْذِرَكُمْ) : أي لكي ينذركم العذاب في الدنيا والآخرة. (وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٦٣) : أي لكي ترحموا إن اتّقيتم (٣). ولعلّ من الله واجبة للمؤمنين (٤).
(فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ
__________________
(١) في مجاز أبي عبيدة ، ج ١ ص ٢١٧ : (نكدا) أي : قليلا عسرا في شدّة». وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ١٦٩ : «(لا يخرج إلّا نكدا) أي : إلّا قليلا ، يقال : عطاء منكود : منزور».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٠٧.
(٣) كذا في ع وق : «إن اتّقيتم» وهو أنسب ، وفي ج ود : «إن أيقنتم» ، وهو تصحيف.
(٤) كلمة «للمؤمنين» وردت في كلّ المخطوطات إلّا في ز ، وهي من زيادة الشيخ هود ولا شكّ.