وقال بعضهم عن حذيفة بن اليمان قال : أصحاب الأعراف رجال تجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، وقصرت بهم سيّئاتهم عن الجنّة (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فبينما هم كذلك إذ قال الله لهم : ادخلوا الجنّة (١).
قوله : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ :) أي سلّموا عليهم. وقال بعضهم : يميل بهم الصراط مرّة إلى الجنّة ومرّة إلى النار ، ثمّ يدخلون الجنّة.
قال الله : (لَمْ يَدْخُلُوها :) يعني أصحاب الأعراف (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) (٤٦) : أي : في دخولها. قال الحسن : هذا طمع اليقين ، كقول إبراهيم عليهالسلام : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (٨٢) [الشعراء : ٨٢]. قال : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ :) أي نحو (أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤٧) : أي من ظالم مشرك ومن ظالم منافق ، وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم ، وهم أهل النار جميعا.
قوله : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ :) وهؤلاء ملائكة نادوا (رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ :) أي بسواد وجوههم وزرقة أعينهم ، يعني أهل النار (قالُوا :) لهم (ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ :) في الدنيا (وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) (٤٨) : أي عن عبادة الله.
(أَهؤُلاءِ :) على الاستفهام ، يعنون أهل الجنّة. (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٤٩) : يعني أصحاب الأعراف في تفسير مجاهد. وفي تفسير الحسن : يعنون أهل الجنّة كلّهم. يقول : لأنّ أصحاب الأعراف من أهل الجنّة ، كقوله : (وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ) في الدنيا (مَنَ
__________________
ـ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ... وأخرجه البخاريّ في المغازي ، باب غزوة أحد ، باب : أحد جبل يحبّنا ونحبّه. وأخرجه مسلم في كتاب الحجّ ، باب : أحد جبل يحبّنا ونحبّه ، عن أنس. وليس فيما أخرجاه : «وإنّه يمثل يوم القيامة بين الجنّة والنار ...» الخ.
(١) أورد ابن أبي زمنين في ورقة ١٠٦ هنا حديثا رواه «يحيى عن إبراهيم بن محمّد عن محمّد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أصحاب الأعراف هم قوم غزوا بغير إذن آبائهم فاستشهدوا فحبسوا عن الجنّة لمعصيتهم آباءهم وعن النار بشهادتهم».