قوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ :) هذا من قول الله ، وانقطع كلام الفريقين. (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٤٤) : أي المشركين والمنافقين ، وهو ظلم فوق ظلم ، وظلم دون ظلم.
قوله : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ :) هذا الآن في الدنيا ، وانقطعت القصّة الأولى من قول أهل الجنّة وقول أهل النار. قال : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً :) أي ويبغون سبيل الله ، أي طريق الهدى ، عوجا. (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) (٤٥).
قوله : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ :) أي بين الجنّة والنار حجاب. (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ :) والحجاب هو الأعراف. والأعراف هو المكان المشرف المرتفع فيما ذكروا عن ابن عبّاس. وذكروا أنّ مجاهدا قال : الأعراف حجاب بين الجنّة والنار. وقال بعضهم : الحجاب حائط بين الجنّة والنار. قوله : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) قال بعضهم : السيما الأعلام ، فهم يعرفون أهل الجنّة ببياض الوجوه ، ويعرفون أهل النار بسواد الوجوه. وقال مجاهد : بسواد وجوههم وزرقة عيونهم (١).
ذكروا عن ابن عبّاس قال : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فلم تفضل حسناتهم على سيّئاتهم ولا سيّئاتهم على حسناتهم ، فحبسوا هنالك. وقال بعضهم : وقد نبّأكم الله بمكانهم من الطمع إذ قال : (لم يدخلوها وهم يطمعون). قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) [الحديد : ١٣].
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ أحدا جبل يحبّنا ونحبّه. وإنّه يمثل يوم القيامة بين الجنّة والنار ، يحشر عليه أقوام يعرفون كلّا بسيماهم ، هم إن شاء الله من أهل الجنّة (٢).
__________________
(١) وقع اضطراب في ذكر هذه الأقوال ، وقد أثبتّ صحّتها تبعا لما يناسبها معتمدا على بعض ما جاء منها في تفسير ابن أبي زمنين ، ورقة ١٠٦.
(٢) رواه يحيى بن سلّام عن أبي أميّة عن المتلمس السدوسيّ عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال : قال ـ